متقاعد من الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل : خطأ إداري يكلّف الدولة خسائر بـ9 مليارات و على الوزير التدارك
في رسالة مفتوحة موجهة الى وزير التكوين المهني والتشغيل، أكد مصطفى المنصوري المتقاعد من الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل على وجود خطإ اداري -وليس سوء تصرف- في تنفيذ 3 أوامر بالوكالة المذكورة و3 مراكز أخرى تابعة لها كلّف الدولة خسائر بالمليارات منبّها الى ضرورة تداركه.
وقال المنصوري، في رسالته التي نشرتها أسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر يوم الإثنين 6 نوفمبر الجاري، ان المدير العام السابق للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل الكائنة بـ 19 نهج صدر بعل-تونس طبق خطأ 3 أوامر حكومية تم بموجبها الترفيع في منحة النقل لفائدة موظفي وأعوان الوكالة المذكورة و3 مراكز أخرى تابعة لها في 3 مناسبات.
وبعد أن أشار الى أن منحة النقل محددة حسب القانون الأساسي للوكالة المذكورة بـ 10 دنانير أكد صاحب الرسالة أن الأوامر الثلاثة تخصّ القطاع الخاص فقط وأنه ما كان يجب تطبيقها على الوكالة والمراكز التابعة لها باعتبارها تنتمي للقطاع العمومي.
وذكر أنه تم نتيجة الخطإ الاداري الترفيع في منحة النقل لأعوان المراكز المذكورة بـ 6 دنانير و112 مليما في مناسبة أولى وبـ 10 دنانير و112 مليما في مناسبتين أخريين تطبيقا لثلاثة أوامر حكومية هي :
– الأمر عدد 1983 المؤرخ في 20 /9 /2012 وأصبحت المنحة مع تطبيقه 16 دينارا و112 مليما.
– الأمر عدد 2906 المؤرخ في 11 / 8/ 2014 وارتفعت بتطبيقه المنحة الى 26.112 دينارا.
– الأمر عدد 1764 المؤرخ في 9 / 11/ 2015 وأصبحت المنحة مع تطبيقه 36,112 دينارا.
وأضاف المنصوري أنه انتفع بهذه الزيادات موظّفو وأعوان 4 ادارات هي :
– الوكالة التونسية للتكوين المهني التي تشغّل حوالي 8500 موظف وعون بمراكزها المتواجدة بكامل تراب الجمهورية (مقرها الرئيسي 21 نهج ليبيا – تونس).
– الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل التي تشغّل حوالي 1500 موظف وعون.
– المركز الوطني للتكوين المستمرّ والترقية المهنية الذي يشغّل حوالي 250 موظفا وعونا (مقرّه بشارع فلسطين).
– المركز الوطني لتكوين المكونين وهندسة التكوين الذي يشغّل حوالي 250 موظفا وعونا (مقرّه برادس).
وبذلك يبلغ عدد المنتفعين بالزيادات في المنحة المذكورة إجمالا أكثر من 10 آلاف موظّف وعون.
ولاحظ صاحب الرسالة أنه بعملية حسابية يتضح أنه خلال تطبيق الأمر الاول في الفترة الممتدة من 1 / 10/ 2012 الى غاية 30 /8 /2014 والتي تقاضى خلالها موظفو وأعوان الوكالتين والمركزين المذكورة منحة بـ 16,112 دينارا أي بزيادة بـ 6,112 دنانير شهريا عمّا ينص عليه القانون الأساسي تقاضى الموظفون والأعوان اجمالا حوالي مليار و450 مليون و760 دينارا.
وبالنسبة لفترة تطبيق الأمر الثاني (من 1 /9 /2014 الى 31 /12 /2015) والتي تقاضى خلالها الموظفون والأعوان منحة بـ 26.112 دينارا أي بزيادة بـ 16 دينارا عن قيمة المنحة المحددة في القانون الأساسي يتضح أن الوكالتين والمركزين المذكورة صرفت حوالي مليارين و560 مليونا.
أما بالنسبة للأمر الحكومي الثالث والذي يتعلق بالفترة الممتدة من 1 /1 /2016 الى هذا التاريخ (أكتوبر 2017) فيتضح أن مجموع مصاريف منحة النقل التي كانت خلال فترة تطبيق هذا الأمر بـ 36.112 دينارا (أي بزيادة بـ 26 دينارا عمّا ينص عليه القانون الأساسي) بلغ حوالي 5 مليارات و720 مليونا من المليمات.
وبذلك يتضح أن كلفة منحة النقل من عام 2012 الى غاية أكتوبر 2017 دون احتساب ما ينص عليه القانون الأساسي (أي باحتساب المبالغ الزائدة على العشرة دنانير) بلغت حوالي 9 مليارات و730 مليونا و760 دينارا.
وقال مصطفى المنصوري في رسالته أن انتباهه للخطإ الاداري الحاصل كان اثر اكتشافه ومجموعة من زملائه المتقاعدين أن تطبيق الأوامر الثلاثة لم يشمل متقاعدي المراكز المذكورة رغم توجيه المدير العام السابق للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل مراسلات الى ر.م.ع. الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية في 3 مناسبات (بعد صدور كل أمر حكومي) لادراج الزيادة في منح المتقاعدين.
ولاحظ أنه راسل كتابيا الصندوق المذكور مستفسرا عن أسباب استثناء المتقاعدين من الانتفاع بالزيادات في منحة النقل لتجيبه ادارة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بأن الزيادات المنصوص عليها بالأوامر الثلاثة لا تهم المنشآت والمؤسسات العمومية وانما تقتصر على القطاع الخاص وأن ادارة الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل طبقت خطأ الأوامر الثلاثة.
وأشار المنصوري الى أن تطبيق أوامر تتعلق بالقطاع الخاص على منشآت عمومية يدخل في خانة الأخطاء الادارية الجسيمة التي يعاقب عليها أصحابها ولا يعد سوء تصرف بل يندرج في اطار اهدار أموال عمومية بلا موجب.
ولفت الى أنه كان من الأجدر توجيه الأموال التي صرفت خطأ في غير محلها الى مشاريع تنموية بمناطق هي في أشد الحاجة اليها خاصة أن الأموال متأتية من الضرائب الموظفة على عموم المواطنين.
وتوجه صاحب الرسالة بنداء الى وزير التكوين المهني والتشغيل الجديد لفتح تحقيق في هذا الخطإ الاداري لتدارك الوضع والحدّ من استنزاف موارد الدولة المالية خاصة أن بلادنا تمرّ بأزمة اقتصادية ومالية خانقة وأن تواصل صرف أموال في غير محله سيكلّف المالية العامة خسائر بالمليارات.
Tweet