خلص تقرير حول “تقييم نظام النزاهة المحلّي”، أعدته منظمة “انا يقظ”، وشمل عددا من البلديات، إلى أن الخلافات السياسية والضغوطات الممارسة أساسا من قبل الأغلبيات المجلسية، أثرت على نجاعة العمل البلدي وعلى المصلحة العامة والمرافق العمومية المحليّة، خاصة مع ما لُوحظ من غياب ثقافة حقيقية للمساءلة والتشاركية الفعليّة في اتخاذ القرارات ورسم التوجهات الكبرى للنشاط البلدي.
وشمل التقييم الذي انبثق عنه هذا التقرير، تحليل البيانات والمؤشرات العمليّة المتصلة بأنشطة كل من بلديّات أريانة والمرسى وطبربة ودوّار هيشر والتضامن وباردو وحمّام الشط والمحـمديّة، وركز على أهم محاور العمل البلدي، على غرار التصرّف في الميزانية، والتشاركية، والمساءلة، والرقابة الخارجية، والشفافية ومكافحة الفساد.
وأكدت المنظمة في توصياتها المضمنة بالتقرير، أن “تعثّر مسار إرساء اللامركزية، كواجب دستوري محمول على الدولة، يعود أساسا إلى عدم توفير المرافقة الكافية والدعم الضروري للبلديات الذي يمكّنها فعليا من تحقيق الأهداف التي انتخبت من أجلها”.
وفي هذا السياق، لفت التقرير إلى واقع عدم قدرة المجالس المحلية على الاستجابة لحاجياتها، المرتبطة أساسا بضعف الموارد المالية والبشرية وكيفية التصرّف فيها، فضلا عن غموض الإطار القانوني المنطبق في شأنها.
وقالت “أنا يقظ”، إن تطبيق البلديات لواجباتها القانونية “بتطبيق مقتضيات الشفافية والنزاهة لم يكن نابعا عن اقتناع منها بأهميتها وتأثيرها على نجاعة العمل البلدي، وإنّما ظلّ نابعا من هاجس بلوغ الحصول على الاعتمادات المتأتية من صندوق القروض أو المنح السنوية، التي تبقى ضرورية لضمان سير المرافق العامة المحلية، فضلا عن الدور الذي لعبته مكونات المجتمع المدني المحلي من أجل فرض احترام المبادئ التوجيهية للعمل البلدي”.
يذكر أن إنجاز هذا التقرير يأتي في إطار مشروع “تشريك المواطنين في الشأن العام وتشجيع دور المجتمع المدني المحلي”، الذي يموله الإتحاد الأوروبي، ويهدف أساسا إلى تشخيص واقع الحكم المحلي ورصد إيجابياته وتثمينها وتحديد النقائص وتقديم أهم الاستنتاجات والتوصيات التي من شأنها تسهيل المُضي نحو حكم محلي صريح وفعّال.
واعتبرت المنظمة أن المسار الانتخابي البلدي، وإن لم يشهد تجاوزات أثّرت على نزاهته، فإنه يبقى من الضروري الحرص على احترام مبادئ الشفافية والمساءلة والنزاهة، من خلال تمكين المؤسسات، وأساسا محكمة المحاسبات، من الوسائل القانونية اللازمة الضامنة لسلامة المسار الانتخابي وضمان سرعة الاستجابة لدرء أخطار المخالفات والجرائم الانتخابية على نزاهة الحياة العامة في مستواها المحلي.
ودعت كل البلديّات إلى مزيد العمل على ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد واعتمادها كمعايير لتقييم ذاتي للأداء، مطالبة رئاسة الحكومة إلى ضرورة تفعيل خطة عمل واضحة لمرافقة مسار اللامركزية تشمل مختلف أبعاد تسيير الشأن العام وبتشريك كل الأطراف المتداخلة، مع التأكيد على أن ديمقراطية القرب المعتمدة تبقى خيارا سياسيا يخدم مصلحة المواطنين والمواطنات.
وشددت “أنا يقظ” أيضا، على ضرورة مراجعة نظام تقييم أداء العمل البلدي المُعتمد حاليا حتى يكون متلائما مع متطلبات الشأن المحلّي ويأخذ بعين الاعتبار الأهداف الحقيقية وراء إرساء السلطة المحليّة.
Tweet