بدعوة من والي صفاقس فاخر الفخفاخ انعقدت بعد ظهر اليوم الثلاثاء جلسة طارئة بمقر الولاية على خلفية معضلة النفايات التي أخذت منحى تصاعديا في الأيام القليلة الماضية وذلك بمشاركة رؤساء البلديات والمعتمدين وممثلي الهياكل الإدارية ذات العلاقة بالمجال البيئي ومكونات المجتمع المدني على الصعيدين الجهوي والمحلي.
وإن لم تتمخض الجلسة على قرار عملي حيث اكد والي الجهة إرجاؤه إلى يوم غد الأربعاء للتشاور مع السلط المركزية فقد أجمع جل المتدخلين على مسؤولية هذه السلط ودعوتها للتدخل العاجل تفاديا لكارثة بيئة وصحية محدقة.
وقد عادت أزمة النفايات التي اندلعت منذ سبتمبر 2021 للتأجج من جديد بعد غلق المصب الوقتي لطريق الميناء في 31 أكتوبر ورفض المواطنين عددا من المواقع الوقتية لتجميع النفايات المقترحة في كل من طريق قرمدة كلم 41 وسيدي سالم بمعتمدية طينة ووادي الأعشاش بمعتمدية ساقية الداير.
وقال الوالي في كلمة ألقاها في مستهل الجلسة إن الغاية هو شرح وضعية على درجة من الأهمية تتعلق بالوضع البيئي المتأزم وما يترتب عنه من تهديدات جدية لصحة مليون ونصف مواطن مؤكدا ضرورة الخروج بقرار حاسم في أعقاب الجلسة في كنف التشاور والروح الديمقراطية.
وأكّد أنّ الجهة حاليا في انتظار عروض المؤسسات والمستثمرين الذين سيقدمون مقترحات مشاريع تثمين النفايات في الأيام القليلة القادمة مضيفا انه ” في انتظار تجسيم المشروع يتعين إحداث مصبات وقتية يقع فيها تجسيم مبدأ تقاسم الأعباء مشيرا الى ان مصب الميناء الذي بلغت طاقة قصوى صار يشكل تهديدا على المصلحة الاقتصادية وتصدير منتوجات البحر وفق قوله.
وأضاف قائلا إنه “سيتم فتح العروض في كنف الشفافية وعلوية القانون وبعيدا عن كل أشكال الفساد والمحسوبية “.
وعبر الوالي عن استنكاره للصد الاجتماعي الذي لقيته المواقع المتعددة المقترحة من اللجنة وآخرها مصب مهيئ يستجيب للشروط وذلك بدافع من بعض الأطراف التي تقوم بالتجييش وتهدد حتى الخواص والمقاولين الذين عبروا في البداية عن استعدادهم للقيام بعملية رفع الفضلات ولكنهم تراجعوا تحت التهديد والضغط بحسب تعبيره.
واعتبر أن استحالة وضع حد لأزمة النفايات بسبب الرفض الآلي لكل المبادرات وتعطيل كل المسارات يمثل تهديدا للدولة وللمصلحة العامة.
من جهته ذكّر رئيس اللجنة الاستشارية لمتابعة أزمة النفايات جلال بوزيد بالمسار الذي انطلقت في المتابعة في 26 جويلية وأوشكت على استكمال أعمالها مؤكدا أن هذا المسار رغم الرفض الاجتماعي الذي وصل أحيانا إلى العنف قام على تجسيم تقاسم الأعباء والعدالة بحسب انتاج كميات الفضلات ولذلك كانت مدينة صفاقس من المناطق التي تم تحديد موقع تجميع وتثمين فيها.
واعتبر أن شعارات “معتمديتي موش مصب” و”بلديتي موش مصب” و”منطقتي موش مصب” يمكن أن تشكّل خطرا كبيرا باعتبارها لا تليق بجهة صفاقس المعروفة بقيم العمل والتطوع ومراعاة المصلحة العامة.
وشدّد على دور السّلطة المركزية التي اقتصر دعمها إلى حد الآن على الخطاب دون الفعل مطالبا إياها باتخاذ قرارات في تأمين المواقع المقترحة من اللجنة.
وذهب في هذا الاتجاه عديد المتدخلين الذين حملوا السلط المركزية للدولة المسؤولية الأولى وأكدوا على دورها في حسم المشكل دفاعا على مصلحة المواطنين وهيبة الدولة. واعتبر الحبيب بالأشهب في هذا السياق أن “هناك أطرافا تريد الإطاحة بالدولة والنظام داعيا إلى الضرب على أيدي العابثين” بحسب تعبيره.
واستنكر الدكتور عدنان الحمامي طبيب صحة عمومية ما قال عنه تحول الآني والوقتي الى فترة 14 شهرا مؤكدا أن الوضعية صارت وضعية استعجالية لا تحتمل التأجيل الناجم عن تعطيل مسار اللجنة العلمية والفنية التي قدمت مقترحات علمية بسبب تقديم المصلحة الفردية والفئوية الضيقة على حساب المصلحة العامة حتى لا نقول الحسابات الضيقة بحسب تعبيره.
وأطلق محمد الطريقي عمدة حي بورقيبة صيحة فزع لتكديس النفايات بمنطقة ذات كثافة عالية في حين طالب النائب السابق أنور العذار السلطة والدولة بالتدخل لحماية المواطن من اللذين يعطلون المبادرات وتنفيذ القرارات.
واعتبر شفيق العيادي أن الأمن الصحي فقده المواطن في صفاقس الذي تحاصره النفايات منذ أكثر من سنة وأن الرفض الاجتماعي ليس لمرتكزات بيئية أو على أساس الحق في الصحة ولكنها خارج القانون وتكرس المصلحة الفئوية الضيقة التي تخلق مناخا متوترا وموبوءا داعيا رئيس الجمهورية باستصدار مرسوم يقضي بتامين مصب واحد كمرفق عمومي.
وقال المدير الجهوي للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات “أنجاد” إن موقع طريق قرمدة كلم 41 الذي اقترحته اللجة مؤخرا هو الموقع المناسب باعتباره مهيئا (مصب مرجين قديم وفيه وسائل عزل) ويمكن من الخروج من الأزمة الخانقة في الفور.
واقترح رئيس بلدية المحرس الجلوس مع أهالي المنطقة المجاورة للموقع المقترح في طريق قرمدة كلم 41 داعيا إلى عدم استعمال القوة العامة في فرض المقترحات حقنا للأوضاع.
بدوره، حمّل عضو اللجنة الاستشارية لمتابعة أزمة النفايات بولاية صفاقس شفيق العيادي “السّلط المركزيّة ممثّلة أساسا في الحكومة ورئاسة الجمهورية مسؤولية كارثة وشيكة في الجهة مع المنحى التصاعدي في ” معضلة الفضلات بسبب رفض المواطنين للمصبات المقترحة من اللجنة.
Tweet