قال الصّادق بلعيد الرّئيس المنسّق للهيئة الوطنيّة الاستشاريّة من أجل جمهورية جديدة، إنّ الهيئة اختارت أن تولي أهمية للجانب الاقتصادي أكثر من الجانب السياسي، وأن يكون خيارها الأوّل هو ارساء نظام متوازن بين الاقتصاد الليبرالي والاجتماعي وإدماجه مع الاقتصاد الاشتراكي التضامني.
وحسب بلاغ صادر عن الهيئة، عقب اجتماع مشترك بين اللّجنة الاستشارية الاقتصادية والاجتماعية واللجنة الاستشارية القانونية، أكد بلعيد، أنّ الهدف الأساسي الذي يرنو اليه أعضاء اللجان الاستشارية، “هو إخراج تونس من الأزمة الاقتصادية الحالية، وتفادي المأزق الكبير الذي خلّفه دستور 2014، الذي تغافل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمواطن التونسي”.
كما دعا إلى حوكمة استغلال الثروات الطبيعية واستغلال الموارد البشرية، والاعتماد على العلم والتعليم والمعرفة المستمرّة، لإرساء تونس المستقبل، مبينا أن اللّجان المشتركة ارتأت أن تُصيغ دستوراً جديدا يلبي تطلّعات وآمال الشعب التونسي.
وأفاد بلعيد بأن مسودة الدستور ستتضمّن مبادئ عامة ومواد من الدساتير الماضية، على غرار بعض المواد التي تخصّ مجال الحريات، التي وردت في دستور 2014، فضلا عن بعض مكاسب دستور 1959.
وفي تصريح صحفي عقب الاجتماع المشترك، قال بلعيد، إنّ مسودّة الدّستور الجديد ستسلّم لرئيس الجمهوريّة قيس سعيّد يوم الاثنين القادم، وفق ما نصّ عليه المرسوم عدد 30 لسنة 2022 المتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، مؤكدا أنّ النظام السّياسي في هذا الدّستور سيكون “نظاما تونسيا صميما”، حسب توصيفه.
واعتبر أنّ ما يميّز هذا الدّستور عن الدّساتير السّابقة هو اهتمامه بالجانب الاقتصادي، باعتبار ان المرحلة الراهنة تقتضي ارساء نظام سياسي يدفع باقتصاد البلاد إلى الأمام، وفق تعبيره، مبينا أن الباب الأول من الدّستور سيكون خاصّا بالمسائل الاقتصاديّة والاجتماعية وسبل النهوض بالاقتصاد التونسي.
ولاحظ أنّ دستور 2014 لم يهتم بالمسائل الاقتصاديّة، في حين أنّ مطالب الثورة كانت اقتصادية واجتماعية بالاساس، مضيفا أنّ ما حصل بعد الثورة هو ازدهار الاقتصاد الموازي، الذّي قال إنه يبتلع 40 بالمائة من الناتج القومي الخام، وأن 40 بالمائة من الاقتصاد التونسي وقع اغتصابه من قبل المافيات، على حد تعبيره.
وفي ما يخصّ الجدل الذّي رافق تصريحا سابقا له حول الفصل الأول من الدّستور، بأنه لن يتضمن ذكر الإسلام كدين للدولة، اعتبر بلعيد أنّه وقع تأويل كلامه على النحو الذي لم يقصده، قائلا في هذا الصدد “إن تونس دولة دينها الإسلام ولديها مكاسب حضارية ثقافيةّ وسياسيّة منذ القدم ونتشبّث بها ونثمّنها، لكن الظروف الحاليّة للبلاد ليست نفسها كما في القرن الماضي أو ما بعد الاستقلال”.
وأضاف قوله “إن الظروف تغيّرت في تونس وفي العالم ككلّ، وإذا لم نتابع التطورات والتغيّرات في العالم فإنّ البلاد ستتّجه نحو الإفلاس”، وتابع قائلا “الدّستور سيفتح الابواب وسيقدّم مبادئ عامّة، والدّولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي، لكن سيكون لكلّ دوره أيضا، وكلّ العمل يعود إلى المواطنين”.
وترأس جلسة اليوم الرئيس المنسق للهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، العميد الصادق بلعيد ورئيس اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، عميد هيئة المحامين إبراهيم بودربالة، وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ.
كما شارك فيها سمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ونور الدين بن عياد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وراضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة، وعائدة قيزاني ممثلة عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الى جانب رؤساء وأمناء عامين وممثلين عن الأحزاب السياسية ومنظمات من المجتمع المدني وشخصيات وطنية وكفاءات اقتصادية واجتماعية ووزراء سابقين.