تحتضن المحطة السياحية ياسمين الحمامات من 11 الى 13 مارس القادم فعاليات المؤتمر الأول والمعرض الدولي الأول للسياحة الطبية والعلاجية والاستشفاء بالوطن القبلي، بمشاركة مختصين ومهنيين من 9 بلدان إفريقية وأوروبية.
ويشكل قطاع السياحة الطبية والعلاجية، وفق ما أكده المشاركون في الندوة الصحفية التي عقدت أمس السبت للإعلان عن تنظيم المؤتمر، “قطاعا واعدا بالنسبة لجهة الوطن القبلي ولتونس القادرة على أن تكون وجهة متميزة للسياحة الطبية والعلاجية في المتوسط”.
واعتبرت نائبة رئيسة الجامعة الوطنية للنزل، شيراز بوعسكر، في تصريح ل”وات”، أن قطاع السياحة الطبية والعلاجية مجال هام لتنويع المنتوج السياحي بجهة الوطن القبلي، مؤكدة قدرة الوجهة التونسية على النجاح في هذا الميدان في ظل توفر كل مقومات النجاح، إن على مستوى تعدد الوحدات الفندقية التي تفوق 150 وحدة بجهة الوطن القبلي بالإضافة إلى الاقامات ودور الضيافة، وإن على صعيد توفر المصحات والكفاءات الطبية وشبه الطبية، فضلا عن القرب من مطاري تونس قرطاج الدولي والنفيضة الحمامات.
ولاحظت، من جهة أخرى، أن السياحة الطبية والعلاجية قادرة على خلق دينامكية جديدة للنشاط السياحي وتغطية فترات الركود التي يعرفها الموسم السياحي التقليدي، باعتبار موسمية السياحة الشاطئية التي غالبا ما تقتصر على شهري جويلية وأوت من كل سنة، بالإضافة إلى أن هذا القطاع يستقطب حرفاء خارج فترة الذروة وعروضا للإقامة لفترة متوسطة وطويلة المدى.
وبينت أن الانعكاسات السلبية لجائحة كوفيد ـ19 على القطاع السياحي تدفع المهنيين والدولة إلى البحث عن مخارج جديدة لإعادة الروح إلى القطاع السياحي، وذلك بالتوجه إلى منتجات جديدة، وفي مقدمتها السياحة الطبية والعلاجية، خاصة بتثمين الطاقات المتوفرة من وحدات فندقية ومراكز علاج بمياه البحر ومصحات، وتثمين المناخ المعتدل للبلاد في أغلب فترات السنة وما تتميز به من كفاءات طبية وشبه طبية.
وقالت بوعسكر إن تجربة استقبال عدد من المسنين لفترة طويلة على كامل السنة، التي انطلقت فيها وحدتان فندقتان بجهة الوطن القبلي، أثبتت جدواها ومردوديتها، بالنظر إلى نجاح المبادرتين وتزايد الطلب على هذا النوع من الإقامات، ورغبة مطلق المبادرة في توسيع طاقة الإيواء لتلبية طلبات حرفاء جدد من سويسرا وفرنسا، مؤكدة القدرة على توسيع هذه التجربة وتعميمها شريطة توفر الآليات اللازمة لإنجاح السياحة الطبية والعلاجية والاستشفائية والإقامات الطويلة للمسنين.
“السياحة الطبية والعلاجية وفرت لتونس عائدات بنحو 2500 مليون دينار في موسم 2016ـ2017″
من ناحيته، أشار غازي المجبري، رئيس الغرفة النقابية لمؤسسات مساندة الخدمات الصحية، ومدير عام شركة الخدمات الطبية العالمية، إلى أن قطاع السياحة الطبية والعلاجية قطاع جد واعد بالنسبة لجهة الوطن القبلي ولتونس عموما، خاصة وانه قد وفر، وفق أرقام موسم 2016ـ2017، نحو 2500 مليون دينار من العائدات، مبينا أن آخر الدراسات العلمية حول القطاع، تفيد بأنه من بين القطاعات الأكثر قدرة على التطور وعلى المنافسة بالنسبة لتونس.
وشدد في تصريحه ل”وات”، على ضرورة أن تعي الدولة أهمية قطاع السياحة الطبية والعلاجية، خاصة وأن عائداته تمثل أكثر من 40 بالمائة من عائدات القطاع السياحي ونحو 2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، موضحا أن هذه النسبة تتطور إلى 4،4 بالمائة إذا ما إضيفت إليها عائدات مؤسسات تصدير الخدمات الصحية.
ولاحظ أن القطاع عرف في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في عدد توافد السياح، خاصة من السوق الليبية والجزائرية، التي تمثل أكثر من 70 بالمائة من الوافدين، بسبب غلق الحدود وخاصة بسبب ظهور فيروس كورونا الذي انعكس سلبا على كل القطاعات.
وأشار المجبري إلى أن هذه الفترة الصعبة التي يمر بها قطاع الصحة الطبية والعلاجية، لا يجب أن تدفع إلى التخلي عن القطاع، بل يتعين أن تحفز على الوقوف إلى جانب هذا الميدان الواعد وهيكلته، بوضعية استراتيجية وطنية متكاملة للنهوض بالسياحة الطبية والعلاجية، بما يعزز صلابته وقدرته على الصمود أمام المتغيرات ويمكن من دفع الاستثمار في الخدمات الصحية المتكاملة واستغلال صورة تونس كوجهة صحية آمنة.
واعتبر أن تونس قادرة على استقطاب حرفاء جدد للسياحة الطبية والعلاجية خاصة من إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يمثلون اليوم أقل من 20 بالمائة من الوافدين على البلاد، واستغلال السفرات المنتظمة للخطوط التونسية من عديد البلدان الافريقية، وتنويع العروض، ومن بينها بالخصوص الإقامات طويلة المدى للمسنين من أوروبا، ودفع عروض “طب الرفاهة”، على غرار جراحة التجميل والعلاج بمياه البحر والمياه الحارة، خاصة وأن السوق الاوروبية لا تمثل سوى 10 بالمائة من الوافدين.
“إقلاع السياحة الطبية والعلاجية يحتاج إلى التعجيل بإصدار التشريعات المنظمة للقطاع”
وشدد المجبري على أن إقلاع السياحة الطبية والعلاجية في تونس يتطلب تعميق وعي الدولة والفاعلين بأهمية هذا القطاع وقدرته على دفع النمو، خاصة وأنه قطاع عالي التنافسية، ومن المتاح التموقع فيه، حتى تكون تونس وجهة مميزة للسياحة الطبية والعلاجية، ما يقتضي اتخاذ اجراءات وقرارات عاجلة وقوية تشارك فيها نقابات الأطباء ونقابات السياحة ووزارات الصحة والمسنين والسياحة.
ودعا، في هذا السياق، إلى التعجيل بإصدار التشريعات والقوانين المنظمة لممارسة هذا النشاط، مستغربا أن كراسات شروط وكالات السياحة العلاجية وكراس شروط مراكز الإيواء الصحي وكراس شروط الطب عن بعد “تيلي ميدسين”، ما تزال الى اليوم في الرفوف منذ عدة سنوات.
وبين أن النهوض بالقطاع يحتاج كذلك الى العمل على تذليل عديد الصعوبات ومن بينها بالخصوص الحصول على تأشيرات السفر والتكثيف من الرحلات الجوية فضلا عن النهوض بجودة الخدمات.
وعبر في ذات السياق عن استغرابه من عدم بعث “وكالة النهوض بالاستثمار وتصدير الخدمات الصحية”، لافتا إلى أن هذا المشروع الحلم الذي تطلب إعداده ثلاث سنوات من العمل بمساعدة منظمات وممولين دوليين، ما يزال الى اليوم ومنذ اكثر من سنة في الرفوف. كما عبا عن خشيته من أن يبقى هذا المشروع، الذي احتاج إلى تمويلات بملايين الدينارات، “حبرا على ورق”.
وأشار المجبري إلى أن أكثر من 80 شركة تعمل اليوم في مجال قطاع السياحة الطبية والعلاجية في إطار شركات مساندة صحية أو شركات تطبيب عن بعد، أو شركات أو مراكز نقاهة، مبينا أن هذا العدد قابل للمضاعفة، وبالتالي الرفع في عدد مواطن الشغل المحدثة، إذا ما اتخذت القررات الجريئة التي يحتاجها القطاع، وبعثت وكالة النهوض بالاستثمار وتصدير الخدمات الصحية، القادرة على إحداث نقلة نوعية في الاستثمار السياحي والصحي والعلاجي.
Tweet