وصل عدد من عناصر الإطفاء من دول أوروبية إلى فرنسا، أمس الخميس، للمساعدة في السيطرة على الحرائق التي تجتاح مناطق واسعة جنوب غرب البلاد.
في وقت تستمر فيه جهود مكافحة حرائق غابات ضخمة في مناطق متفرقة من دول غرب أوروبا. وزادت موجات الحرّ والسيول وذوبان الجليد المخاوف المرتبطة بتغير المناخ وارتفاع تكرار الأحوال الجوية المتطرفة في أنحاء العالم.
في ظلّ استمرار استعار حرائق الغابات والارتفاع القياسي في درجات الحرارة، قرّر عدد من الدول الأوروبية إرسال فرق إطفاء إلى فرنسا حيث تتواصل الجهود لإخماد حرائق جديدة في غابات ضربها الجفاف بسبب موجات الحرّ الشديد وانحسار غير مسبوق للأمطار.
ولليوم الثالث على التوالي، يستعر حريق غابات هائل بالقرب من بوردو، معقل صناعة النبيذ، حيث يُستبعد تراجع درجات الحرارة المرتفعة قبل مطلع الأسبوع المقبل.
وحاول أكثر من ألف من رجال الإطفاء، تدعمهم طائرات رشّ المياه احتواء حريق أجبر الآلاف على النزوح من منازلهم وأتى على آلاف الهكتارات من الغابات في منطقة جيروند بجنوب غرب فرنسا.
وفي ظلّ مزيج من عوامل خطيرة تشمل درجات الحرارة شديدة الارتفاع، وظروف الجفاف والرياح التي تأجّج ألسنة اللهب، تكافح خدمات الطوارئ للسيطرة على الحريق.
في هذا السياق، قال جريجوري أليون المسؤول في هيئة الإطفاء الفرنسية لراديو (آر.تي.إل) واصفا الحريق: “إنّه غول، إنّه وحش”.
من جهته، أشار رئيس وكالة الفضاء الأوروبية، جوزيف أشباخر، إلى أنّ ارتفاع درجات حرارة الأرض وانحسار الأنهار، حسب القياسات التي تتمّ من الفضاء، لا يتركان مجالا للشكّ بأنّ تغيّر المناخ يؤثّر سلبا على الزراعة والصناعات الأخرى. وقاست مجموعة من الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية درجات حرارة “عظمى” على سطح الأرض تجاوزت 45 درجة مئوية في بريطانيا و50 درجة في فرنسا و60 في إسبانيا خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال أشباخر لرويترز “إنّه أمر سيء للغاية.
لقد رأينا (أحوالا جوية) متطرفة لم نرصدها من قبل”. وفي رومانيا، حيث أدّت درجات الحرارة المرتفعة والجفاف إلى انخفاض منسوب مياه الأنهار، احتج نشطاء منظمة السلام الأخضر على ضفاف نهر الدانوب للفت الانتباه إلى ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض وحث الحكومة على خفض الانبعاثات. تداعيات التغيرات المناخية مع توالي موجات الحرّ التي اجتاحت أوروبا هذا الصيف ودرجات الحرارة الحارقة وحالات الجفاف غير المسبوقة، عاد التركيز مجدّدا على مخاطر تغير المناخ التي تهدد الزراعة والصناعة وسبل العيش.
ومن المتوقّع أن يؤدّي الجفاف الشديد إلى تراجع محصول الذرة في الاتّحاد الأوروبي 15 بالمئة، لينخفض إلى أدنى مستوى له منذ 15 عاما، في وقت يواجه فيه الأوروبيون ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة انخفاض صادرات الحبوب من روسيا وأوكرانيا عن المعدل الطبيعي. ودفعت سويسرا بطائرات هليكوبتر عسكرية لنقل المياه جوا إلى الأبقار والخنازير والماعز العطشى التي تعاني تحت أشعة الشمس الحارقة في مروج جبال الألب في البلاد. في فرنسا، التي تعاني من أقسى موجة جفاف على الإطلاق، تنقل الشاحنات المياه إلى عشرات القرى حيث جفت الصنابير، ويحذر المزارعون من أن نقص الأعلاف قد يؤدي إلى نقص الحليب.
وفي ألمانيا، أدى شح الأمطار هذا الصيف إلى انخفاض مستوى المياه في نهر الراين، الشريان التجاري للبلاد، مما أعاق حركة الشحن وزاد من تكاليفه.
قرية خلت من سكانها أصدرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية الخميس تحذيرا من “الحرارة الشديدة” لمدة أربعة أيام لأجزاء من إنكلترا وويلز. وفي البرتغال، أمضى أكثر من 1500 من رجال الإطفاء سادس يوم في مواجهة حريق غابات في منطقة كوفيلا بوسط البلاد أتى على 10500 هكتار، منها أجزاء من حديقة سيرا دا إستريلا الوطنية.
وفي إسبانيا، تسبّبت العواصف الرعدية في اندلاع حرائق غابات جديدة وأُجلي مئات الأشخاص من مسار أحد الحرائق في مقاطعة كاسيريس. وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنّ المزيد من طائرات مكافحة حرائق تصل من اليونان والسويد، بينما تنشر ألمانيا والنمسا ورومانيا وبولندا فرق إطفاء للمساعدة في مواجهة حرائق الغابات في فرنسا.
وقال رجال الإطفاء إنهّم تمكنوا من إنقاذ قرية بولان بيليه، التي خلت من سكانها بعد أن طلبت الشرطة منهم إخلاء منازلهم مع اقتراب ألسنة اللهب. لكن الحريق وصل إلى أطراف القرية، مخلفا وراءه منازل متفحمة وجرارات معطلة.
وتعرضت منطقة جيروند هي الأخرى لحرائق غابات كبيرة في جويلية. وصرّح جان لوي دارتايل رئيس البلدية لراديو كلاسيك: “المنطقة مشوهة تماما. نحن مدمرون. نحن مرهقون… هذه الحرائق هي القشة التي قصمت ظهر البعير”.