وقالت رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، خلال حفل انتظم على شرف مؤسسي الشركة الناشئة بحضور وزيرة المالية وممثّلي هياكل التمويل ومحاضن المؤسّسات وصناديق الاستثمار وأصحاب المؤسّسات الناشئة والطلبة، “نجتمع اليوم للاحتفاء بقصَّة نجاح مؤسسة ناشئة تونسية بلغت العالمية لتثْبت مرّة أخرى أنّ العقل التونسي قادر على المضي قدما نحو المبادرة والابتكار والإنجاز”.
وأضافت بودن “إنّ قصّة InstaDeep هي قصّة استثنائية تمثِّل نموذجا للنجاح والتفوُّق يحتذى به من قبل شبابِنا إذ يجسد الذكاء التونسي المُجدّد في مجال “الذكاء الاصطناعي”. قصّة النجاح هذه ليست وليدة الصدفة بل هي ثمرة العمل الدؤوب والمثابرة ودليل على جهود الدولة على توفير مناخ محفز على المبادرة وبعث المشاريع”.
وأبرزت دور المدرسة والجامعة التونسيّة في تكوين رأس المال البشري وتطوير البحث العلمي وجعله رافدا للتنمية الاقتصادية. وذكرت، أيضا، بأهميّة الأقطاب التكنولوجية كحلقة وصل بين الجامعة والمؤسسة الاقتصادية.
ولفتت بودن في هذا السياق إلى نجاعة الإطار القانونيّ المتعلّق بالمؤسسات الناشئة، الذّي وضع منذ سنة 2018، وعمل على تشجيع التجديد والابتكار والإبداع الشامل في كلّ القطاعات والمجالات. وأشارت إلى أنّ حكومتها تعمل، حاليا، في إطار مقاربة تشاركية، على استكمال مراجعته قصد إصدار ِStartup Act2.0 في أقرب الآجال.
“رسالة أمل” إلى الشباب التونسي انطلقت مغامرة كريم بقير، خريج البوليتكنيك، وزهرة سليم، عصامية التكوين في الإعلامية والتصميم، منذ سنة 2014 بوسائل متواضعة (فقط جهازي كمبيوتر محمول و4 آلاف دينار تونسي) واليوم تظهر شركتهما ضمن كوكبة 100 شركة واعدة، عبر العالم، في مجال الذكاء الاصطناعي، بحسب بقير. 
ورغب صاحب الشركة الناشئة في نقل “رسالة أمل” إلى الشباب التونسي حول إمكانية بناء تونس الغد من خلال الاستفادة من الصدى، الذي أحدثته صفقة اقتناء “InstaDeep التونسيّة، من قبل BioNTech الألمانية، على المستوى العالمي.
وأضاف “إنّ ما ينقص بيئة ريادة الأعمال التونسية قد تحقق”. ودعا الشباب والمسؤولين وكلّ المتدخلين إلى “انتهاز هذه الفرصة لجعل تونس رائدة في مجال التكنولوجيا العميقة في أفريقيا وفي العالم العربي”.
وتحدث بقير عن تفاؤله لأن “تونس تعج بالكفاءات الشابة القادرة على المضي قدما وخلق مؤسسات ناشئة أخرى في التكنولوجيا العميقة”.
واقترحا كل من كريم بقير وزهرة سليم دمج إجراءين رئيسيين ضمن القانون المتعلّق بالمؤسسات الناشئة 0.2. ويتعلّق الأمر بالسماح، بدرجة أولى، بانتداب خبراء أجانب في تونس من قبل المؤسسات الناشئة لتتمكن من تكوين عشرات الشباب في مجالات التكنولوجيا العميقة والروبوتات والذكاء الاصطناعي والمعلوماتية الحيوية.
وشدد بقير على أن هذا التوجه سيمكن من استعادة الثروة وجذب الكفاءات حتى تكون تونس مركزا للتكنولوجيا العميقة ممّا من شأنه أن يسمح بتغيير تاريخ البلاد لأنه بات مؤكدا، اليوم، أنّه يمكن تكوين الثروة من خلال التكنولوجيا الرقمية والبحث العلمي.
ولفتت زهرة سليم، في درجة ثانية، إلى ضرورة تحرير قانون الصرف من أجل التمكن من دفع أجور الموظفين، جزئيا، بالعملات الأجنبية وكذلك لتسهيل تنقل روّاد الأعمال خارج البلاد والسماح للمؤسسات الناشئة التونسية الشابة من الاستفادة من الخدمات المقدمة على شبكة الإنترنت (الدروس والدورات التدريبية).
وفي يتعلّق بمجلّة الصرف أكّد محافظ البنك المركزي، مروان العبّاسي، الذّي حضر الحفل، أنّ الإجراء الخاص بتحرير الصرف يندرج ضمن المجلّة الجديدة، التّي تمّ تقديمها للحكومة. وتابع “ما إن تتم المصادقة على النص القانوني الجديد من قبل الحكومة، سيدخل هذا الإجراء حيز التنفيذ”.
واعتبرت المؤسسة الشريكة لInstaDeep، زهرة سليم، أن ذلك سيسهم في “الحد من هجرة الأدمغة وقلب المعطيات في ما يتعلّق بظاهرة رحيل الكفاءات الشابّة التونسيّة الى خارج البلاد”.
   
وعبّر الباعثان الشابان، من جهة أخرى، عن استعدادهما على مساعدة الشباب التونسي على تطوير مؤسّسات ناشئة ومصاحبتهم إن على مستوى التكوين وتقديم المساعدة التقنية أو أيضا، من خلال التمويل، بالشراكة مع مستثمرين آخرين “لأجل تنفيذ مشاريع أخرى في تونس ذات جودة عالية”.
ويشار أنّ المخبر الألماني BioNTech، كان أعلن منذ يوم 10 جانفي 2023 عن شرائه للمؤسّسة الناشئة التونسيّة InstaDeep، بهدف تعزيز “تطوير، على نطاق أوسع، العلاج المناعي للأجيال القادمة، من خلال الاستفادة من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي”.
وبحسب بلاغ BioNTech فإنّ عمليّة الاقتناء، تندرج في إطار متابعة التعاون بين المؤسسة الألمانية InstaDeep، الموجودة بلندن (المملكة المتحدة). وقد عمل الشريكان معا على نظام الكشف المبكّر لمتغيّر كوفيد-19.
وسيلتحق 240 من المهنيين ذوي الكفاءة العالية لـInstaDeep بالشبكة العالمية لشركاء البحث في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي والبيانات العلمية للمخبر الألماني. وستقوم BioNTech بدفع ما قيمته، مبدئيا، 362 مليون جنيه استرليني (ما يعادل 409921560 أورو) نقدا وأسهم من BioNTech على أن يتم اقتناء كامل الأسهم المتبقية واستكمال الصفقة خلال النصف الأوّل من سنة 2023.