تتصاعد وتيرة الغضب الشعبي في صفاقس يوما بعد يوم بسبب تفاقم أزمة النفايات ووصولها إلى حد لم تعرفه من قبل منذ اندلاعها عند غلق المصب الجهوي المراقب بعقارب أمام شاحنات النظافة للبلديات في سبتمبر 2021، وبسبب عجز السلط الجهوية حيال الرفض الاجتماعي لكل مقترحات المصبات المقدمة من اللجنة الاستشارية للتصرّف في أزمة النفايات المشكّلة في جويلية الفارط.
وزاد صمت السّلط المركزية إزاء الوضعية الكارثية التي صارت عليها صفاقس الكبرى جرّاء تكدّس أطنان الفضلات في الساحات والشوارع، وتحوّل المدينة إلى مصب ضخم تنبعث منه روائح القمامة، وحرقها من قبل المواطنين الذين نفد صبرهم وأصبحوا في حالة احتقان شعبي، بينما صبّت عديد الجمعيات والمنظمات الأهلية جام غضبها وانتقاداتها على هذه السّلط وتحوّلت صفحات التواصل الاجتماعي إلى فضاء تطلق فيه صيحات الفزع والاستغاثة من المواطنين ونشطاء المجتمع المدني.
وينتظر أن تصدر هذه المنظمات والجمعيات وفي مقدمتها الاتحاد الجهوي للشغل واتحاد، الصناعة والتجارة، وعمادة المحامين، ونقابة الصحفيين، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وتنسيقية البيئة والتنمية وغيرها، اليوم الأربعاء، بيانا تحدّد فيه شكل التحرك الاحتجاجي الذي ستتخذه في الساعات القادمة.
وقد لوّح الناطق الرسمي باسم كل هذه المنظمات عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة بصفاقس، سليم المراكشي، بتنظيم مظاهرة في تونس العاصمة بدل صفاقس “باعتبار أن صوت الجهة لا يسمع من المسؤولين المركزيين”، وفق قوله.
ووجّه عديد نشطاء المجتمع المدني وفي مقدمتهم الناشط زياد الملولي صاحب صفحة “سيب التروتوار” انتقادات لاذعة لوزيرة البيئة التي برهنت عن فشلها في إدارة أزمة النفايات التي طالت أكثر من اللازم، بحسب تعبيره، كما طالت الانتقادات رئيس الجمهورية قيس سعيّد ورئيسة الحكومة نجلاء بودن لعدم معاضدة جهود الولاية، وتعالت الأصوات إلى مقاطعة الانتخابات وإلى العصيان الجبائي وغيرها من أشكال الاحتجاج على صمت الدولة إزاء الوضعية المتأزمة وتنكّرها لحق المواطن في بيئة خالية من النفايات.
وكان الحريق الهائل الذي اندلع بالمصب العشوائي المغلق بطريق الميناء وسحابة الدخان التي غطت جزء كبيرا من المدينة قد أجّج موجة الغضب لدى المواطنين المتروكين لحالهم في أصعب أزمة بيئية تمر بها الجهة كما يؤكد عديد الملاحظين.
وقد حذّر عديد الأطباء ولا سيما المدير الجهوي للصحة، الدكتور حاتم الشريف، ورئيس لجنة النظافة ببلدية صفاقس، الدكتور أنور جبير، من التبعات الصحية الخطيرة التي يمكن أن تنجرّ عن الدخان والرواح المنبعثة من أكداس القمامة المحروقة في الشوارع الرئيسية والساحات العامة والأحياء ذات الكثافة السكانية. وتحدّث الدكتور الشريف عن خطر حقيقي لانتشار أمراض في الجهاز التنفسي وللسرطانات. ولم تنفع دعوات المسؤولين البلديين والأطباء، في الأيام القليلة الماضية، للكفّ عن الحرق حيث لم يجد المواطنون من حلّ للتخلص من النفايات التي اكتسحت الطرقات والمجال المروري سوى الحرق.
وكانت اللجنة الاستشارية لإدارة أزمة النفايات بصفاقس أصدرت عديد البيانات وجّهت فيها رسائل إلى السّلط المركزية لتحمّل مسؤولياتها إزاء تفاقم الأزمة في صفاقس، ودعتها في آخر بيان لها، الأربعاء الماضي، إلى تأمين مواقع المصبات التي تقترحها متهمة إيّاها بـ”التراخي والتباطئ في المعالجة الجذرية”، بما من شأنه أن يزيد في “تعكير الأوضاع وانسداد آفاق الحلول”، بحسب ما ورد في البلاغ. جدير بالتذكير اللجنة اقترحت عديد المواقع كمصبات وقتية وأخرى للتثمين ولكنها جوبهت كلها برفض المواطنين بدعوى وتحت شعار “منطقتي موش مصب” وكان آخر هذه المواقع موقع بمنطقة الزوايد التابعة لمعتمدية منزل شاكر وقبله عديد المواقع الأخرى على غرار “ليماية” و”ضيعة زروق” و”القنة” و”سيدي سالم” وغيرها.
Tweet