«الخيانة».. بتلك الكلمة رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أحد الأسئلة التي وُجهت إليه، في أثناء مقابلة تلفزيونية أُجريت معه قبل سنوات، عن الشيء الذي يصعب أن يسامح فيه أحدا.
ومع العلاقة القوية التي كانت تجمعه بقوات فاغنر، ورغم التجاذبات التي كانت تقع بين الطرفين من حين لآخر، على خلفية تطور الصراع واشتداده في باخموت، فإنه وصف مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة بالخيانة، مؤكدا أنه سيعاقب كل من يحمل السلاح ضد جيشه.
صفقة سرية
ذكر تقرير صحفي، نقلا عن وثائق استخباراتية أميركية مسربة، أن يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة عرض الكشف عن مواقع القوات الروسية للحكومة الأوكرانية.
وأوضحت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، أنه في مقابل سحب أوكرانيا لجنودها من المنطقة حول باخموت، عرض بريغوجين في يناير/ كانون الثاني إبلاغ جهاز المخابرات الأوكراني بمواقع القوات الروسية في المدينة.
وذكرت الصحيفة أن عرض بريغوجين جاء من خلال اتصالاته بجهاز المخابرات الأوكراني، إلا أن أوكرانيا رفضت العرض.
خطة القضاء على فاغنر
في مارس الماضي، كشف تحليل أجراه معهد دراسات الحرب، أن وزارة الدفاع الروسية «أعطت الأولوية حاليا للقضاء على قوات (فاغنر) بساحات القتال في باخموت».
ولفت التحليل، الذي نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقتطفات منه، إلى أن الصراع بين وزارة الدفاع وهذه المجموعة الروسية المسلحة بدأ عندما شن قائد فاغنر، يفغيني بريغوجين، حملة تشهير لا هوادة فيها ضد شخصيات بارزة في الجيش الروسي، بمن في ذلك وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف.
وأضاف التحليل أن «مسؤولي وزارة الدفاع الروسية ينتهزون الفرصة للتخلص من قوات فاغنر في باخموت، في محاولة لإضعاف بريغوجين وإفشال طموحاته في تحقيق نفوذ أكبر في الكرملين.
أزمة العقود
وفي مطلع يونيو الحالي، أمر وزير الدفاع جميع «وحدات المتطوعين» بتوقيع عقود مع وزارته قبل نهاية الشهر، في خطوة قالت إنها ستزيد من فاعلية الجيش الروسي.
واعتبرت وسائل إعلام روسية أنها مجرد محاولة من شويغو لإخضاع المقاتلين في فاغنر لسيطرته، لكن بريغوجين رد في بيان، وقال إن قواته ستقاطع تلك العقود، رافضا علنا محاولات إخضاعها لسيطرة الجيش الروسي، مشيرا إلى أن هذا القرار لا ينطبق على شركته.
إمدادات عسكرية متأخرة
بدأت فاغنر تشعر بأن الجيش الروسي لا يريد لها أن تعلن عن سيطرتها الكاملة على باخموت، من أجل ذلك أعلن بريغوجين في 5 مايو/ أيار الماضي أن مقاتليه مضطرون إلى الانسحاب من جبهة باخموت في إقليم دونيتسك الأوكراني، بحلول 10 مايو، وذلك بسبب عدم قيام وزارة الدفاع بتزويده بالذخائر اللازمة،
ورغم تراجعه عن تهديداته، إلا أن هذه التصريحات كانت البداية التي كشفت عن حدة التوتر بين قوات فاغنر التي يقدر قوام مقاتليها بنحو 50 ألف جندي منتشرين في أوكرانيا، بما في ذلك 10 آلاف متعاقد و40 ألف مدان تم تجنيدهم من السجون.
تعددت الأزمات بين فاغنر وقادة الجيش الروسي، على رغم الثقة التي حظيت بها تلك المجموعة منذ تأسيسها وظهور نشاطها بشبه جزيرة القرم عام 2014، فقد نالت ثقة الكرملين وتمتعت بوضع خاص داخل أروقته.
باخموت أصل الخلاف
وقبل أيام، ذكر تقرير صادر عن صحيفة نيويورك تايمز، أن جذور الخلاف بين وزارة الدفاع الروسية وبريغوجين، تعود إلى معركة باخموت في أوكرانيا، مشيرة إلى أن قائد فاغنر، كان يرى في الاستيلاء على تلك المدينة الأوكرانية «هوسا شخصيا».
وخلال المعركة، دبت الخلافات بينه وبين وزارة الدفاع، وبدأت تظهر إلى العلن، وسط محاولات منه لإبداء قواته على أنها أكثر فاعلية على الأرض من الجيش الروسي، حيث بدأ سياسة الظهور من خلال بث فيديوهات بين حين وآخر لانتقاد سياسات جنرالات الجيش الروسي.
ووفق ما ذكره مراقبون، فإن أسباب الخلاف ناجمة عن عدم الاعتماد المطلق على فاغنر في المعارك، وخصوصا في الجبهات الحساسة، واقتصار دورها على مناطق مثل باخموت فيما ينتشر الجيش الروسي في مناطق أكثر تأثيرا من الناحية الاستراتيجية، كما بدأ الجيش الروسي في تقليص الاعتماد على تلك المجموعة خلال الآونة الأخيرة.
المصدر: قناة الغد
Tweet