مرة أخرى يسجل الشباب الطالبي التونسي موعدا مع التميز الدولي مقدما حلولا مبتكرة ومستدامة لإشكاليات جوهرية في حياة المواطن التونسي.
وفاز فريق تونسي يضم الطالبة، نهال السليتي، 23 سنة، والطالب محمد امين عابدي، 22 سنة، مؤخرا، بمسابقة دولية اطلقها مخبر “فابلاب سوليدار” في انحاء العالم، التابع لاحدى مؤسسات الاتصالات الخاصة، والتي اهتم محورها هذه السنة بالمياه.
وحاز مشروع “ايكو ووتر” او “اقتصاد المياه” بالنسبة للأسر، الذي طوره الطالبان، بالجائزة الدولية، فئة تصويت مستخدمي الانترنات، للدورة السادسة من مسابقة تحدي “اصنع ذلك لمدينتي” الى جانب فريقين من الكامرون ومدغشقر.
ويستعد صاحبا المشروع وهما نهال السليتي، طالبة ماجستير بحث بالمدرسة الوطنية لعلوم المعلوماتية بمنوبة، ومحمد امين عابدي، المعهد الاعلى للدراسات التكنولوجية برادس، اجازة علوم المعلوماتية، لخوض غمار مسابقة دولية اخرى “تشالنج ناو” او “تحدى الان” للاختيار بين المشاريع الثلاثة المرشحة في المسابقة الاولى، وفق ما صرحا به لـ”وات”.
واوضح كل من نهال ومحمد امين ان المشروع التونسي “ايكوووتر” ترشح من ضمن 60 فريقا في 24 بلدا، وتابعا سنتحول الى فرنسا يوم 24 ماي 2023 الى فرنسا لتقديم مشروعنا. علما وان التصويت مازال مفتوحا للعموم لاختيار افضل مشروع من بين مشاريع البلدان الثلاث اي تونس والكامرون ومدغشقر.
شحّ المياه في تونس دافع اساسي لمشروع “ايكووتر”
فكرة “ايكووتر” كانت وليدة ما تعيشه تونس من نقص مطّرد في الموارد المائية وحالة الجفاف التي تعرفها البلاد مثلها مثل بلدان اخرى، كما اكدا، نهال ومحمد امين، ما دفعهما الى التفكير في اعادة استغلال المياه المستعملة في المنزل ذلك ان 36 بالمائة من المياه المستهلكة في المنزل تستخدم عبر طارد المياه و32 بالمائة في الاستحمام مقابل 1 بالمائة فقط لمياه الشرب، استنادا الى بيانات لمنظمة الصحة العالمية، وفق قولهما.
وياتي هذا المشروع بالنظر الى ما تعانيه الاسر التونسية من ندرة في مياه الشرب ولكن ايضا بالنظر الى غلاء كلفة ادارة المياه.
نهال ومحمد امين تحدثا عن الحاجة الملحلة، وفق قولهما، لايجاد حل سريع وعاجل لمشكل تناقص المياه والرغبة في تقليص هدر المياه، وبحثا عن حل اقرب ما يمكن للواقع المعيش للاسر في مرحلة اولى ولم لا للقطاعات الصناعية المستهلكة للمياه وحتى للري في مراحل اخرى.
وقد دفعتنا مسابقة تحدي “اصنع لمدينتي” التي اختارت هذه السنة موضوع الماء، الى التفكير في حل عملي يمكن تطبيقه في اسرع وقت ممكن، عوضا عن التفكير في حل تحلية المياه وهو حل مطروح حاليا بيد انه يبقى مكلفا ويتطلب وقتا، وفق نهال.
وقال محمد امين بعد عملية عصف ذهني حددنا من خلالها الاشكاليات انطلاقا من تونس وواقعنا المعيش واسرنا حاولنا ان نتمثل وضعية المواطن والمشاكل البيئية، ومن ثمة خلصنا الى جملة من النتائج، لعل اهمها الوضعية الحرجة للموارد المائية في تونس، والتي دخلت مرحلة الجفاف، الى جانب نسبة الاستهلاك العالية للماء والهدر الكبير لهذه الثورة الثمينة في المنازل وحتى في المصانع وبعض الانشطة الصناعية والنزل ومحلات غسل السيارات وغيرها…
“ايكووتر” يحترم البيئة”
رأت فكرة هذا المشروع النور في فيفري 2023، وقد حرص من خلالها الشابان على ان يقدما حلا ايكولوجيا يستخدم المواد الطبيعية ويساهم في المحافظة على البيئة والطبيعة ويعمل في ان واحد على التقليص من استهلاك الماء والحفاظ على الموارد المائية في البلاد.
ويضيف الشابان، تبعا لما توصلنا اليه، فقد استند تصور مشروعنا على حاجة المنزل او الاسرة، لذا كان حلنا في هذا الاطار الاقرب الى الواقع والذي يمكن تطبيقه في اقرب الاجال.
وقال محمد امين ونهال ان بامكان هذا المشروع توفير زهاء 60 بالمائة من فاتورة استهلاك الماء والتقليص من الكميات المستهكلة بزهاء 60 لترا علما وان كل فرد يستهلك يوميا زهاء 120 لترا من المياه لا يتوجه من الشرب منها الا 1 بالمائة.
مشروع مبتكر مدعوم بالذكاء الاصطناعي
مشروع “ايكوووتر” لم يكتف بتقديم الحل بل سعى الى التجديد والابتكار، وفق نهال ومحمد امين، الذي اوضح ان المشروع فضلا عن المواد الطبيعية التي يستخدمها فانه سيمكن من خلال توفير تطبيقة متابعة جودة المياه التي يعاد تدويرها والكمية المستهلكة من المياه.
ويتمثل مشروع “ايكوووتر” الذي يحترم البيئة وذي الخصائص الاقتصادية، بترشيد التصرف في المياه المستعملة عبر نظام مبتكر وفريد في تونس، يعتمد على مواد طبيعية والذكاء الصناعي (اتمتة المنزل الذكي).
ويتم توزيع هذه المياه من خلال منظومة معلوماتية يتم التحكم فيها عن بعد وعبر مراقبة حينية لاستهلاك الماء.
وتمكن نهال محمد امين، من تصميم نظام اقتصادي للماء “ايكو ووتر” يمكن من تجميع المياه المستعملة في الادواش والمغاسل وآلات الغسيل وتصفيتها في المنزل عبر مواد طبيعة، وهي الرمل والحصى والفحم النشط.
وقد احتاج الشابان، في سبيل تنفيذ هذا المشروع، الى تطوير مهاراتهما ومعارفهما في الكهرباء وادوات الصناعة الرقمية وقد تمكنا من ذلك بفضل التاطير الذي وفره “لابفابسبايس” ومؤطرهما في المخبر خميس القروي الذي اهتم بهما وكان لهما خير سند في رحلتهما.
وقالت نهال باعتبار اننا في موضوع المحافظة على الطبيعة والماء حرصنا على عدم استعمال عناصر كيميائية والتجأنا الى حل مستلهم من الطبيعة اذ ان تصفية الماء في الطبيعة تمر بنفس المراحل التي اعتمدناها .
وفسر محمد امين دوافع اختيار الحل المتمثل في نظام التصفية (رمل وحصى وفحم)، باسباب ايكولوجية في المقام الاول مشيرا الى انهما لم يعمدا الى اختيار مصاف جاهزة لتصفية المياه المستعملة (مياه رمادية) بل فكرا في حل ايكولوجي اقتصادي وحتى تكون عملية الصيانة والتعهد سهلة وعملية.
وبينا ان المياه التي تتم تصفيتها من خلال الجهاز الذي ابتكراه ليست موجهة للشرب او الاستحمام بل لاستعمالات اخرى في المنزل مثل الري او الحمامات.
وقالا ان التجديد في مشروعهما يتمثل في متابعة جودة المياه التي تتم تصفيتها وهذه الجودة هي التي تحدد عملية توزيعها فيما بعد وتوجيهها لاستعمال معين، فكلما كان الماء ملوثا اكثر فان توجيهه يتم لاستعمالات مثل طارد المياه في الحمام عوضا عن استعمال الماء الصالح للشرب، باعتباره نسبة استهلاكه الكبير للماء، وكلما تحسنت جودة الماء الذي تقع معالجته بالتصفية يوجه على سبيل المثال الى الري.
واوضح محمد امين في ما يهم عنصر التجديد في الحل المبتكر انه اضافة الى نظام جودة الماء لدينا امكانية متابعة ومراقبة الجودة، إذ وضعنا تطبيقة جوالة لمتابعة استهلاك الماء وقيمة ما يمكن ان يربحه المواطن عند استعمال هذا النظام كما يتوصل برسائل ” لتغيير المصفاة “الفيلتر” ومراقبة وضعيتها.
وقد صنع الشابان في الوقت الراهن نموذجا لهذه الحل وهو عبارة عن صندوق متكامل به مجسات وخزانات ومضخات … ويطمحان من خلال مشروعهما العملي الى ان يستقطبا الاهتمام من اجل تبني هذا المشروع، جهات رسمية او خاصة، وفي انتظار ان يخوض الشابان مرحلة احتضان مشروعهما بعد القيام بدراسة الجدوى الخاصة واعداد مخطط اعمال ومطابقة المشروع ومن ثمة تحديد كلفة انجازه ومزاياه في توفير الماء.
واكد كل من نهال ومحمد امين في المحصلة رغبتهما في تسريع المشروع من خلال توفر حاضنة له في تونس او خارجها لتبنيه باعتبار انه يتطلب العديد من المواد لتصنيعه وبالتالي تمويلات، مصنّع او مستثمر، حتى يجد طريقه الى الاستغلال ويدخل طور التصنيع والتسويق.
Tweet