مثل “وضع الاذاعات التونسية بعد جائحة كورونا”، محور اشغال الملتقى الوطني الذي تنظمه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري “الهايكا” يومي 3 و4 جوان الجاري بمدينة الحمامات (ولاية نابل)، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، وبمشاركة ممثلين عن وسائل الاعلام العمومية والخاصة والجمعياتية وعن الهياكل المهنية ومنظمات المجتمع المدني وعدد من الصحفيين.
وأفاد رئيس “الهايكا” نوري اللجمي في تصريح لـ (وات) بالمناسبة، بأن جائحة كورونا عمقت الازمة التي يشهدها قطاع الاعلام عموما وقطاع الاذاعات بصفة خاصة، “باعتبارها تعيش وضعا هشا يجعلها اليوم مهددة بالغلق بسبب الخسائر المادية التي تتكبدها”.
وذكّر بالرسالة المفتوحة التي كانت وجهتها “الهايكا” لرئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة لمطالبتها بدعم قطاع الاعلام السمعي البصري العمومي عبر إحداث “صندوق دعم الانتاج السمعي البصري” على غرار “صندوق دعم السينما”، بما من شأنه أن يساعد الاذاعة على الاضطلاع بدورها المحوري في التوعية والتثقيف وتطوير الفكر النقدي، ويشجعها على الاستثمار في الرقمنة وفي جودة المضمون والمحتوى.
وبين أن تداعيات أزمة كورونا على الاذاعات العمومية يبرز بالخصوص في تقلص مواردها المالية بسبب نقص الاشهار وحتى غيابه، وارتفاع تكلفة المصاريف القارة لهذه المؤسسات، بما جعلها اليوم مهددة بالافلاس، وهو ما يقتضي ايجاد حلول عاجلة وناجعة تضمن ديمومتها.
ولاحظ أن قطاع الاعلام العمومي يحتاج اليوم تطوير سبل تعاطيه مع الازمات والصعوبات، خاصة عبر وضع استراتجية استشرافية بمشاركة كل المتدخلين، لا تقتصر على حلول قصيرة المدى في مواجهة هذه الاشكاليات، بل على حلول بعيدة المدى تعزز صلابة المؤسسات الاعلامية وقدرتها على الاستمرار.
وقال في هذا الصدد “لعل من أبرز اشكاليات قطاع الاعلام العمومي اليوم وخاصة منه السمعي البصري هو سياسة التجاهل التي تنتهجها الدولة ازاءه، وغياب الارادة السياسية لمساعدته على تخطي الاشكاليات التي يواجهها قبل جائحة كورونا وبعدها”.
من جهته، اعتبر رئيس النقابة الوطنية للاذاعات الخاصة كمال ربانة، أن الاذاعات الخاصة تعد من أبرز المتضررين من جائحة كورونا، لا سيما بسبب التقلص الحاد للاشهار الذي يمثل المورد المالي الرئيسي لهذه المؤسسات، بما دفعها الى استهلاك مواردها الذاتية وأحيانا رأسمالها من أجل المحافظة على ديمومتها وديمومة مواطن الشغل.
وكشف أن الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا تبرز بالخصوص في غلق مؤسستين اذاعيتين هما “الرباط” (بالمنستير) و”نجمة أف أم” (بسوسة)، داعيا الدولة الى مساعدة المؤسسات الخاصة التي توفر اكثر من ألف موطن شغل بين صحفيين وتقنيين واداريين، عبر تطوير التشريعات والقوانين المنظمة للقطاع وتعديلها.
كما دعا الدولة الى جدولة ديون الاذاعات الخاصة ولا سيما الاذاعات الخاصة الجهوية، والتقليص في معاليم البث المطالبة بسدادها، وذلك لمدة خمس سنوات، حتى تستعيد هذه المؤسسات عافيتها وتحافظ على ديمومتها.
أما الكاتب العام المساعد بالجامعة العامة للاعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل محمد الهادي طرشونة، فقد أكد ان الصحفيين يعتبرون من أبرز المتضررين من جائحة كورونا، خاصة بعد فقدان نحو 190 صحفيا لموارد رزقهم، بالاضافة الى المشاكل النفسية والصحية التي لحقتهم خلال عملهم الميداني في فترة تفشي جائحة كورونا.
وأبرز الحاجة الملحة الى وضع سياسة عمومية لقطاع الاعلام والقطع مع التسيير العشوائي، وتنظيم الاشهار رغم ضعفه بما في ذلك الاشهار العمومي، مع وضع آلية لدعم الاعلام العمومي والخاص باعتبار تكامل دوريهما، وبالنظر الى الحاجة لبناء منظومة اعلام ذات جودة وتخدم المجتمع.
Tweet