احتفى منتدى الفكر التنويري التونسي في سهرة رمضانية مساء أمس الاثنين بالكاتب المناضل جلول عزونة مؤسس ورئيس رابطة الكتاب الأحرار.
اللقاء الذي أقيم بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي وحضرته كوكبة من أهل الفكر والثقافة، كان مناسبة لتناول أبرز محطات المسيرة الأدبية والنضالية للدكتور جلول عزونة وتسليط الضوء على أهم الخصال الإنسانية لهذا الكاتب المتفرد.
في كلمة افتتاحية أشار الكاتب والصحفي محمد المي رئيس المنتدى إلى أن هذا اللقاء يندرج في إطار الاعتراف بأعلام الثقافة والأدب التونسي، ومزيد التعريف بمنجزاتها وتوثيق أبرز جوانب مسيراتها.
وقدم الإصدار الجديد الذي يجمع مداخلات الندوة الاحتفائية بالكاتب جلول عزونة التي تتواصل على مدى يومين، لافتا الى أنه الإصدار عدد 24 الذي ينشره المنتدى منذ بدء نشاطه سنة 2017 .
ويحتفي المنتدى الأسبوع المقبل في سوسة بالكاتب مصطفى الكيلاني، وفي الأسابيع الموالية سيكون الاحتفاء تباعا بكل من الشعراء آدم فتحي ويوسف رزوقة وفضيلة الشارني، قبل أن ينتقل المنتدى مجددا الى الجهات حيث يحتفي في مدينة عين دراهم بالراحل الطاهر الخميري في الذكرى الخمسين لوفاته، قبل أن تختتم سلسلة اللقاءات التكريمية للعام الحالي بلقاء مخصص لعبد الرزاق كرباكة.
وعن اختيار الكاتب جلول عزونة لتكريمه، بين أن مردّ ذلك هو تراكم إنتاجه وغزارته، وتنوعه حيث كتب في النقد الأدبي والبحث والتحقيق فضلا عن القصة والرواية وتاريخ المدن وهو نوع خاص من الكتابات أبدع فيه جلول عزونة وأصدر فيه ثلاثة كتب خصصها لمسقط رأسه مدينة منزل تميم (ولاية نابل) التي أخرجت عديد الأعلام في الفكر والثقافة في تونس.
بإيجاز لخص محمد المي صفات ضيف المنتدى قائلا عنه “أنكر ذاته وعرف بالآخرين، فاخترنا أن نعرف به ونحتفي كما احتفى هو بمنجز غيره”.
على معلقة هذا الاحتفاء وبرنامجه، اختار المنظمون أن يقرنوا اسم جلول عزونة بعبارة “المتيم بعاصمة الدخلة” وهو اختيار ذو دلالة كبيرة، نظرا للعلاقة المتينة التي تربط الكاتب جلول عزونة بمنزل تميم المعروفة في الوطن القبلي خاصة بأنها عاصمة الدخلة.
“عاصمة الدخلة” كانت حاضرة بامتياز لا فقط في وجدان المحتفى به وكتاباته، بل كذلك من خلال مداخلات المشاركين في اللقاء الذي أدارته الكاتبة فوزية ضيف الله وساهمت فيه كل من مسعودة بوبكر وحسن بن عثمان ومنى الماجري وعزالدين المدني.
في مداخلتها المعنونة بـ”جلول عزونة…كاتبا وباحثا” تحدثت مسعودة بن بوبكر عن إبداعات المحتفى به وعن المناخ الأدبي السائد في الستينات والذي أثر في كتاباته التجريبية، خاصة في بداياته مع مجموعته القصصية الأولى “ويبقى السؤال” وكذلك “الحب والخبز والهذيان” التي طرح من خلالها قضايا مصيرية وتناول أيضا العلاقات الإنسانية والفن والحرية والحب من المحيط القريب الى العالم الرحب الواسع.
ولفتت إلى أن اللغة عند جلول عزونة “غير معقدة، لا إبحار فيها” بل إنه يستعمل اللهجة العامية في بعض المواضع من مدونته الإبداعية. كما أن مناخ الكتابة عنده “قوامه الحكاية، ينتقيها من مهد البساطة ويقتنصها من يم الصراع الإنساني”. ولم يفت الكاتبة أن تشير إلى أن مدونة الأستاذ جلول عزونة تنبئ عن صاحبها في مواضع عديدة من خلال تجاربه ومواقفه المنسربة في النصوص، ويبدو ذلك جليا في الكتابين اللذين أفردهما للذات وهما “محنة السجن أو عروق الحرية” ومذكرات “ريح الحياة” ويكتشف فيهما القارئ تجارب الحياة التي عاشها جلول عزونة بقبعاتها المختلفة : الكاتب والباحث والمترجم والمدرس الاكاديمي والسياسي والمناضل الحركي والنقابي والمشارك في الحياة الفكرية وهو العضو بالمجلس العلمي بأكاديمية بيت الحكمة.
وجلول عزونة ليس فقط كاتب الرواية والقصة بل هو باحث في التاريخ والفن والتراث والفكر والحضارة، وقد صدر له في هذا المجال “منزل تميم تقارع الاستعمار” و”منزل تميم عاصمة الدخلة”.