تمكّن فريق علمي، عبر الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، من اكتشاف مضاد حيوي جديد يمكنه قتل سلالات من “البكتيريا الخارقة” الفتاكة التي تتسم بقدرتها على مقاومة الغالبية العظمى من المضادات الحيوية التي يشيع استخدامها لعلاج العدوى المسببة لها، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
وجاء ذلك في دراسة حديثة نُشرت، الخميس 25 ماي 2023، في دورية Nature Chemical Biology العلمية، وأوردت أنّ فريقاً من العلماء من “جامعة ماكماستر” الكندية و”معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” الأمريكي قد اكتشف مضاداً حيوياً يمكن استخدامه لقتل بكتيريا خارقة فتاكة يشيع انتشارها في المستشفيات.
والبكتيريا الخارقة المقصودة هي بكتيريا “أسينتوباكتر بوماني” (الراكدة البومانية) Acinetobacter baumannii، التي صنفتها منظمة الصحة العالمية على أنها تهديد “خطير” من بين “مسببات الأمراض ذات الأولوية”، وهي مجموعة من سلالات البكتيريا التي تشكل “أكبر تهديد” لصحة الإنسان.
وقالت منظمة الصحة العالمية، إنّ هذه البكتيريا لديها قدرات داخلية تُتيح لها إيجاد طرق مستحدثة لمقاومة العلاج، ويمكن أن تمر عبر المواد الجينية، ما يُتيح لأنواع أخرى من البكتيريا الأخرى أن تصبح مقاومة للأدوية أيضاً.
وتشكل هذه البكتيريا خطراً على المرضى في المستشفيات ودور رعاية المسنين والمرضى الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي وقسطرة الدم، وكذلك أولئك الذين لديهم جروح مفتوحة من العمليات الجراحية.
وتستطيع بكتيريا بوماني أن تعيش مدة طويلة من الوقت على الأدوات الصحية والمعدات المشتركة، وتنتشر غالباً عبر الأيدي الملوثة، والتهابات الدم، ويمكنها التسبب في التهابات الرئة، وعدوى المسالك البولية.
وتشير بيانات “مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها” الأمريكية إلى أنّ هذه للبكتيريا يمكنها أيضاً أن “تستعمر” أو تتطفل على المرضى دون التسبب في التهابات أو أعراض.
وكشفت الدراسة أنّ الباحثين استخدموا خوارزمية ذكاء اصطناعي لفحص آلاف الجزيئات المضادة للبكتيريا، في محاولة للتنبؤ بجزيئات جديدة من المضادات الحيوية، وعلى إثر ذلك، تمكّن الباحثون من تحديد مركب مضاد للبكتيريا جديد أطلقوا عليه اسم “أبوسين” Abaucin.
وقال غاري ليو، طالب الدراسات العليا بجامعة ماكماستر وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة: “كان لدينا كم كبير من البيانات التي تخبرنا فقط بالمواد الكيميائية القادرة على قتل أنواع مختلفة من البكتيريا، والمواد العاجزة عن ذلك. وكانت وظيفتي تدريب هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي، لإخبارنا ما إذا كانت لدينا جزيئات جديدة لديها خصائص مضادة للبكتيريا أم لا. ثم من خلال ذلك، يمكننا زيادة كفاءة خط اكتشاف الأدوية، والتركيز على الجزيئات التي تستحق الاهتمام بها”.
بعد أن درَّب العلماء نموذج الذكاء الاصطناعي، استخدموه لتحليل 6680 مركباً لم يواجهها من قبل. استغرق التحليل ساعة ونصف الساعة، وانتهى به الأمر إلى إنتاج عدة مئات من المركبات، اختُبر 240 منها في المختبر. وكشفت الاختبارات المعملية في النهاية عن 9 مضادات حيوية محتملة، منها “أبوسين”.
ثم اختبر العلماء جزيء المضاد الحيوي الجديد ضد بكتيريا “أسينتوباكتر بوماني” في نموذج عدوى لجرحٍ في الفئران، ووجدوا أن الجزيء يثبط العدوى.
في السياق، قال جوناثان ستوكس، الأستاذ المساعد في قسم الطب الحيوي والكيمياء الحيوية بجامعة ماكماستر والباحث المشارك في الدراسة: “يؤكد هذا العمل فوائد نماذج التعلّم (الآلي الذكاء الاصطناعي) في البحث عن مضادات حيوية جديدة”، إذ “باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكننا استكشاف أنواع كثيرة من المواد الكيميائية بسرعة، ما يزيد من فرص اكتشاف جزيئات جديدة مضادة للبكتيريا زيادة مؤثرة”.
وأوضح ستوكس: “نحن نعلم أن المضادات الحيوية واسعة النطاق ليست مثالية، وأن مسببات الأمراض لديها القدرة على التطور والتكيف مع كل وسيلة نواجهها بها… تتيح لنا أساليب الذكاء الاصطناعي الفرصة لزيادة معدل اكتشافنا للمضادات الحيوية الجديدة بقدرٍ كبير، والقيام بذلك بتكلفة مخفضة. إنها وسيلة مهمة لاستكشاف مضادات حيوية جديدة”.
عربي بوست
Tweet