أظهرت دراسة استطلاعية أنجزها كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان بتونس وكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، أن جرائم قتل النساء في تونس هي نتيجة علاقات قوى اجتماعية وهيمنة ذكورية ولا يمكن تنسيبها دائما إلى أسباب مرضية أوحالات إدمان.
وأظهرت الدراسة الأولى من نوعها والممولة من الاتحاد الأوروبي في إطار ” برنامج آمنة : من أجل إجابة شاملة”، للعنف المبني على النوع الإجتماعي”، بعد تجميع قرابة 46 ملفا عن جرائم قتل النساء من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات و قسم الطب الشرعي بمستشفى “الشارنيكول”، أن 28.12 بالمائة من النساء ضحايا جرائم القتل، طلبن سابقا الطلاق أو قدمن شكاية ضد الزوج المُعنف أو أنهين علاقتهن مع الزوج.
وتمس هذه الجرائم بالخصوص حسب نتائج التحليل النفسي الاجتماعي للملفات، النساء الشابات اللاتي تترواح أعمارهن بين 19 و 30 والمتزوجات بنسبة 71.73 بالمائة. وتقع هذه الجرائم في أغلب الأحيان بالمنزل الزوجي أومنزل الضحية.
وتكون أداة الجريمة في أغلب الحالات المرصودة، السلاح الأبيض ويمكن أن يتجاوز عدد الطعنات 20 طعنة في جسم الضحية بالخصوص في مستوى الرأس والقفص الصدري، حسب ذات الدراسة.
وتستهدف أغلب هذه الجرائم النساء اللاتي ليس لديهن دخل مادي، حيث أظهرت النتائج أن 46 بالمائة من الضحايا لا يشتغلن.
وبخصوص تناول وسائل الإعلام والميديا لجرائم قتل النساء، اعتبرت الدراسة التي أجريت على عينة تتكون من 22 وسيلة إعلام منذ 2016 إلى غاية اليوم، أن هذه الجرائم عادة ما تُقدم كخبر عابر وحالات معزولة ولا تتناولها الميديا ضمن الأحداث المهمة والآنية أو القضايا الاجتماعية الحارقة، إذ لا تتجاوز عدد المقالات المكتوبة 300 و400 صفحة حول الظاهرة مما يجعلها فارغة المحتوى ومن دون تفاصيل.
ويقتصر الصحفي أو الإعلامي حسب ما كشفته الدراسة، على مصادر ضيقة أغلبها أمنية، من دون التنصيص على خطورة مثل هذه الحوادث في المجتمع وتواترها والتحسيس بأشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.
واعتبر أغلب المشاركين/ات حسب استبيان نشره القائمون على هذه الدراسة على منصات التواصل الاجتماعي، أن أسباب قتل النساء في تونس يعود إلى سلطة النظام الأبوي والذكورة السامة، داعين إلى ضرورة التجند من أجل تقييد هذه الظاهرة.
وتضع هذه الدراسة من خلال ما وصلت إليه من نتائج، اصبعها على مكمن الداء متسائلة عن الأرقام الرسمية المسجلة من قبل الدولة عن جرائم قتل النساء وما يقتضيه الوضع الاجتماعي من تدخل عاجل وتضافر للجهود لوقف هذه النزيف.
وكانت الجمعيات النسوية رفعت شعار “أوقفوا قتل النساء” خلال عدد من المظاهرات، بعد تسجيل عدة حالات بالرغم من وجود القانون الأساسي عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وما يوفره من وقاية وحماية وتعهد للنساء ضحايا العنف حسب النص.
ودعت هذه الجمعيات في بياناتها السلطات المتدخلة إلى مدها بالأرقام الرسمية والالتفاف حول هذه القضية.