ازدادت في السنوات الأخيرة معاناة متساكني ولاية تطاوين وخاصة منهم المرضى وذويهم بسبب النقائص العديدة التي يشكو منها قطاع الصحة العمومية ولا سيما طب الاختصاص وما ترتب عنه من تدن لمستوى الرعاية الصحية وتفاقم هذا الوضع نتيجة الزيادة السكانية وحاجيات المواطن المتزايدة لهذا المرفق الحياتي الهام.
ونتيجة هذا النقص الفادح، أصبحت القوافل الطبية التي تنظمها الجمعيات السبيل الوحيد في السنوات الاخيرة للحصول على خدمات طبية متخصصة ودورية يؤمّنها متطوعون للتخفيف ولو نسبيا من عناء تنقل المرضى وكبار السن الى المدن الكبرى حيث الاطباء والمراكز الصحية الكبرى.
وفي ظلّ وجود مستشفى جهوي وحيد في الولاية بأكملها، فإن الخدمات الصحيّة تعتبر محدودة في هذه الربوع وأحيانا مفقودة في عديد الاختصاصات وخاصة في الاسعافات الكبرى والعمليات الجراحية والكشف بالرنين المغناطيسي، وذلك بسبب غياب أحد اطراف فريق الجراحة، وطبيب الانعاش والتخدير، فضلا عن عدم توفر جهاز سكانار بالجهة.
وفي هذا الإطار، تدارس المجلس الجهوي للصحة برئاسة والي الجهة حافظ الفيتوري مؤخرا مختلف الجوانب الجديرة بالاهتمام في قطاع الصحة بهدف إيجاد الحلول المناسبة والعاجلة وتحميل المسؤوليات وتجاوز مرحلة التشخيص.
ودعا المجلس الفاعلين والمتدخلين جهويا إلى بذل مجهودات أكثر، وفرض الانضباط، وتقديم التحفيزات اللازمة، والحرص على حسن تقديم الخدمة، وتوفير الادوية، والعمل على استحثاث نسق الاشغال للمشاريع المبرمجة وتجاوز العقبات لاستكمال انجاز المشاريع المعطلة.
كما شخّص عرض قدمته بالمناسبة الادارة الجهوية للصحة الوضع الصحي الحالي الذي يحتاج الى أطباء في مختلف الاختصاصات (الاشعة، والنساء والتوليد، وأمراض القلب، والطب الباطني، والانعاش والتخدير، وغيرها) سيما وأن المستشفى الجهوي بتطاوين يضمّ قسمين استشفائيين جامعيين في جراحة العظام وتقويم الاعضاء وفي الجراحة العامة.
كما يحتاج القطاع، وفق ما جاء في ذات العرض، الى 12 طبيبا في الطبّ العام للعمل بالمستشفى الجهوي بتطاوين وفي رمادة وفي غمراسن وفي مجمع الصحة الاساسية بتطاوين، والى 3 فنيين سامين في تقويم النطق (2 في مجمع الصحة الاساسية بتطاوين وواحد برمادة) وإلى فني سام في العلاج الطبيعي، واخصائي نفسي في تطاوين، والى 3 فنيين سامين في الاشعة (2 في رمادة وواحد في ذهيبة)، و4 فنيين في المخبر(2 في رمادة و 2 في ذهيبة)، وقد وصفت هذه الحاجيات بالعاجلة والأكيدة.
ونظرا لغياب كل هذه الاختصاصات الضرورية، فإن الملاذ هو التنقل الى الولايات المجاورة والبعيدة سواء عبر سيارات إسعاف المستشفى الجهوي والمستشفيات المحلية او بإمكانيات الأسر الخاصة بعد أن أصبحت شبه يائسة من توفر متطلبات العلاج المتكاملة في الجهة.
وأبرز العرض أيضا الحاجة إلى إضافة وحدة أشعة ووحدة تحاليل طبية بمجمع الصحة الأساسية بتطاوين لتأمين خدمات صحة أشمل، واحداث وحدة استعجالي بمعتمدية تطاوين الجنوبية، وتطوير مركز الصحة الاساسية بحي النزهة وحي بوادي القمح بتطاوين الى صنف 4 لتخفيف الضغط على المستشفى الجهوي، وتقريب الخدمات الطبية من المتساكنين، الى جانب تطوير مركز الصحة الاساسية بكرشاو من معتمدية الصمار، واحداث مستشفى نهاري بمعتمديتي البئر الاحمر وذهيبة.
وتجدر الاشارة الى أن القطاع الخاص في الصحة الاساسية بولاية تطاوين مازال مقتصرا على العيادات الطبية الفردية في الطب العام وفي عدد محدود من أطباء الاختصاص، ومن الضروري أن يساهم هذا القطاع في تعزيز الخدمات الطبية وتنوعها، والسعي الى فتح مصحات خاصة تتوفر على حد ادنى من الخدمات الصحية، إضافة الى فتح المصحة العسكرية التي ينتظر منذ سنوات فتحها لفائدة المدنيين ، ولا سيما منخرطي الصندوق الوطني للتأمين على المرض.