توقع المحلّل المالي بسام النيفر، انه في حال عدم توصل تونس الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي او الولوج الى التمويلات الخارجية عبر التعاون الثنائي، قد تسجل البلاد خسارة ملموسة في ميزان الدفوعات بالعملة الصعبة، ما سيقلص رصيد البلاد الاحتياطي من العملة الأجنبية.
وأوضح النّيفر في حوار مع وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات)، ان ميزان الدفوعات بالعملة الصعبة للبلاد التونسية سجل خلال الثلاثي الأول من 2023 خسارة بقيمة 7ر947 مليون دينار، معتبرا ان هناك نزيفا للعملة الصعبة، مقابل تقلص للعملة الصعبة بقيمة 2ر772 مليون دينار في نفس الفترة من السنة الفارطة.
وبين النيفر ان ميزان الدفوعات للعملة الصعبة لتونس، سجل في السنوات الثلاث الأخيرة، رصيدا إيجابيا بلغ 2ر5 مليار دينار في 2019 و8ر3 مليار في 2020 و343 مليون دينار في 2021.
وأكد النيفر ان المشاكل بدأت تطفو في سنة 2023 موضحا ان معاملات تونس بالعملة الصعبة تبلغ 7ر23 مليار دينار، متأتية أساسا من الصادرات 6ر15 مليار دينار، مبرزا ان العجز التجاري لم يتفاقم بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام.
وتتأتى المداخيل من العملة الصعبة من الاتاوة على أنبوب الغاز الجزائري المار بالتراب التونسي بقيمة 6ر771 مليون دينار ملاحظا انه رقم مهم أكثر من المداخيل التي تم الحصول عليها كامل سنة 2019.
وأرجع هذا التطور الى زيادة الصادرات الهامة للجزائر للغاز الطبيعي نحو ايطاليا وذلك حتى اواخر مارس من هذه السنة الى جانب ارتفاع أسعار الغاز ما جعل الاتاوة ترتفع وتتحسن.
كما تحسنت مداخيل السياحة ببلوغ عائدات بقيمة 2ر1004 مليون دينار الى أواخر مارس 2023 مقابل 610 م د في نفس الفترة من السنة الفارطة.
وارتفعت تحويلات التونسيين بالخارج مع نهاية الثلاثي الأول من هذه السنة الى مستوى 1214 مليون دينار مقابل 7ر928 مليون دينارفي الفترة ذاتها من سنة 2022وفي السياق ذاته تحسن تدفق الاستثمار الخارجي بتعبئة موارد بقيمة 9ر652 مليون دينار على الرغم من تواضع المبلغ، مع تحسن الاستثمار في محافظ المالية (الاستثمار في البورصة) بنسبة 33 بالمائة وهي نسبة أفضل من إنجازات كامل السنة الفارطة.
وعرّج النّيفر على أهميّة بلوغ اتفاق مع صندوق النقد الدولي القادر على احداث توازن لميزان الدفوعات.
في المقابل فسر انه في صورة عدم حصول تونس على القرض من صندوق النقد الدولي، سيتعين على البلاد تعويض القرض، عبر مضاعفة المجهود لتحسين الصادرات عبر رفع نسق انتاج وترويج الفسفاط وكذلك المحروقات ما سيسمح بالتقليص من الواردات الطاقية التي تمثل عبئا كبيرا على ميزان الدفوعات.
ومن الضروري، وفق المحلل المالي، تحقيق موسم سياحي جيد ما سيمكن من الترفيع من العائدات السياحية خاصة بالعملة الصعبة الى جانب مزيد الاهتمام بالتونسيين بالخارج والترفيع في نسق تحويلاتهم بالعملة الصعبة.
و تابع بالقول “مهما يتم العمل على تحسين ميزان الدفوعات فإنه لا يمكن تعويض التداين الخارجي من خلال توفر حد أدنى من التمويلات والقروض الأجنبية”.
و بالمقابل توقع المتحدث، انه في حال عدم التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي والولوج الى التمويلات الخارجية، قد تسجل تونس خسارة كبيرة في ميزان الدفوعات ما سيقلص من رصيد البلاد من الاحتياطي من العملة الأجنبية.
وشدد على انه في حال تسجيل ميزان الدّفوعات خسائر بقيمة 1 مليار دينار في الثلاثي الأول من هذا العام، فإن البنك المركزي قد يضطر الى مزيد التشديد على التوريد ما سيعطل النشاط الاقتصادي في البلاد وفق رايه.
ودعا الى مزيد اصلاح مناخ الاعمال والتقليص من القيود الإدارية المعطلة وتحرير الاقتصاد من اجل مزيد جذب الاستثمارات الخارجية بالعملة الصعبة.
واكد النّيفر في ختام قوله ان تونس قد تكون قادرة على مواجهة الصعوبات المالية في 2023، ولكن في صورة انهائها العام الحالي بخسارة كبيرة في ميزان الدفوعات وبالعملة الصعبة، فان ذلك سيفرض ضغطا على البلاد في سنة 2024 وهو ما سيثير تساؤلات شركاء تونس والمتعاملين في الأسواق المالية الدولية حول مدى قدرتها على خلاص ديونها.
Tweet