المحكمة الإدارية تقر بعدم اختصاصها في مضمون الاستشارة موضوع الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة
أكّد مصدر قضائي أنّ الدائرة الإستشارية بالمحكمة الإدارية والمتعهّدة بالنظر في الإشكاليات المطروحة بخصوص التحوير الوزاري قد أنهت رأيها الإستشاري وقضت بأنّ المحكمة الدستورية هي السلطة المخوّل لها حصرا النظر في الإشكالات المعروضة بالنظر الى طبيعة الصلاحيات الموكولة إليها للبت في المسائل التي قد يفرضها تسيير السلطة التنفيذية كالمسائل التي قد تطرح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأكّد في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء صحّة الوثيقة التي تمّ تداولها مساء اليوم على صفحات التواصل الاجتماعي والمتعلقة برأي المحكمة الإدارية حول مباشرة الوزراء المكلّفين الذين نالوا ثقة البرلمان لمهامهم والتي أكّدت على ضرورة الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية لتجاوز الإشكاليات المعروضة وتفادي نشوب وضعيات مشابهة.
بدوره قال الناطق الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري لـ”وات” أنّ الدائرة الإستشارية بالمحكمة والمتعهّدة بالنظر في الإشكاليات المطروحة بخصوص التحوير الوزاري الأخير قد أنهت صياغة الرأي الاستشاري وأحالته رسميّا إلى رئاسة الحكومة.
وأشار إلى أنّ نشر مضمون الاستشارة هو من مشمولات الجهة التي تقدّمت إلى المحكمة لطلب رأيها الإستشاري وهي من لها حرية إطلاع العموم عليه.
وفي هذا الإطار اتصلت “وات” برئاسة الحكومة لبيان فحوى الرّأي الإستشاري لكن لم يتسن لها الحصول على ردّ في الغرض.
وورد بالوثيقة التي تمّ تداولها أنّ المحكمة الدستورية هي السلطة المخوّل لها حصرا النظر في الإشكالات المعروضة سيما وقد خصّها الدستور بأقصى الضمانات من حيث تركيبتها بالنظر الى طبيعة الصلاحيات الموكولة إليها للبت في مسائل ذات طابع دستوري وقانوني وسياسي قد يفرضها تسيير السلطة التنفيذية كالمسائل التي قد تطرح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وقالت انّ إجراء عرض التحوير الوزاري لنيل ثقة البرلمان والذي جاء تطبيقا للفصل 144 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وما يثيره ذلك من التساؤل حول مدى سلامة الأحكام إليه ووجوبية هذا الإجراء من عدمها كتداعياته على استكمال عملية التسمية يطرح بصفة أولية مسألة دستوريّة.
وفي هذا الجانب أوضحت أنّ القيمة الدستورية للنظام الداخلي للبرلمان وفي غياب تفعيل أحكام الفصل 22 من الدستور الذي يضبط الاختصاصات الحصريّة للمحكمة الدستورية تبقى مسألة غير محسومة على اعتبار أنّ استجلاءها أمر موكول بصفة حصرية إلى المحكمة الدستورية دون سواها وهو ما يتجلى من صريح أحكام الفصل 78 من القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المنطبق على الوضعية الراهنة في الباب الخامس المتعلّق بالأحكام الانتقالية والختامية.
كما ذكّرت بأحكام الفصل 101 من الدستور الذي اقتضى أن “ترفع النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى المحكمة الدستورية التي تبتّ في النزاع في أجل أسبوع بناء على طلب يرفع إليها من أحد الطرفين.
واكّدت أنّه ولتجاوز الإشكاليات المعروضة وتفادي نشوب وضعيات مشابهة بات ضرورة تحتمها استمرارية الدولة وحسن سير دواليبها يتوجّب الإسراع في إرساء المحكمة الدستورية طالما تم استكمال إرساء المؤسسات الدستورية المدعوّة إلى تسمية أعضائها طبقا لما اقتضاه الدستور وقانونها الأساسي.
وذكّرت بأنّه سبق أن أبدت الجلسة العامة للمحكمة الإدارية سنة 2012 رأيا بخصوص نزاع حاصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لكن ممارستها لهذا الاختصاص لم يستند إلى القانون عدد 40 لسنة 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية وإنما جاء تطبيقا لأحكام الفصل 20 من القانون التأسيسي لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية.
كما أوضحت أنّ الإشكاليات المطروحة تعلّقت بتدارس مدى سلامة ووجاهة الحلول المقترحة لتجاوز التعطيل الحاصل في تسمية الوزراء الجدد وذلك من حيث النظر في طبيعة الآلية القانونية الواجب اعتمادها لتسميتهم وما إذا كان يقتضي إصدار أوامر رئاسية أو أوامر حكومية كمسألة أداء اليمين وما إذا وجب القيام بذلك أمام رئيس الجمهورية كيفما نص عليه الدستور في فصله 89 أو أمام رئيس الحكومة الأمر الذي يفضي إلى اعتبار أنها إشكاليات تؤول في جوهرها وفي الحقيقة والواقع إلى النظر في نزاع في الاختصاص بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سلبيا كان او إيجابيا.
وصادق البرلمان يوم 26 جانفي الفارط، في جلسة عامة، على منح الثقة بشكل منفرد لـ11 وزيرا اقترحهم رئيس الحكومة هشام مشيشي ضمن تحوير في حكومته أعلنه يوم 16 من الشهر المنقضي، ولكن الوزراء الجدد لم تتم دعوتهم الى اليوم لأداء اليمين أمام رئيس الجمهورية.
من جهته أكّد رئيس الجمهورية خلال لقاء جمعه بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، بموقفه الثابت المتعلق بالتحوير الوزاري والقائم على احترام الدستور ورفضه لخروقات قال إنها حصلت بناء على نصوص هي دون الدستور مرتبة .
كما أكّد أمس خلال لقائه بمجموعة من النواب أنّ التحوير الوزاري تشوبه جملة من الخروقات وانّ حل أزمة التحوير الوزاري يكون باحترام النص الدستوري، لا بالتأويلات أو الفتاوى، التي في ظاهرها حق وفي باطنها تجاوز للدستور، ولا بالبحث عن مخرج قانوني مستحيل”.