أحيانا كثيرة، تصيبك نوبات صداع في نفس الوقت من اليوم بشكل متكرر، وهذه ليست حالة غريبة تخصك وحدك، فقد وجد العلماء أن ثمة روابط قوية بين الساعة البيولوجية ونوبات الصداع، بحسب دراسة حديثة.
تضمنت الدراسة التي نشرت، مؤخرا، في المجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب، تحليلا إحصائيا لجميع الدراسات المتاحة حول الصداع العنقودي والنصفي، والتي تضمنت سمات الساعة البيولوجية.
الصداع العنقودي الذي يحدث بأنماط دورية أو فترات عنقودية، هو أحد أكثر أنواع الصداع إيلاما، فعادةً ما يوقظك في منتصف الليل بألم شديد في عين واحدة أو حولها في أحد جانبي رأسك.
أما الصداع النصفي فقد يسبب ألما نابضا، وعادة ما يقتصر على أحد جانبي الرأس، وغالبا ما يصحبه غثيان وقيء وحساسية مفرطة للضوء والصوت.
ويمكن لنوبات الصداع النصفي أن تسبب ألما شديدا لساعات، أو لأيام، ويمكن أن تعيق شدتها ممارسة أنشطتك اليومية.
ماذا وجد الباحثون؟
يقول مؤلف الدراسة الدكتور مارك جوزيف بوريش من مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس، وعضو في الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”:
- لاحظنا أن العديد من مرضى الصداع العنقودي والصداع النصفي تبدأ معاناتهم مع نوبات الصداع في نفس الوقت تقريبا من اليوم.
- لاحظ باحثون آخرون نفس ملاحظتنا، لكن لم يتم مراجعة جميع البيانات من قبل، لذا قمنا بمراجعة وتحليل جميع الدراسات باللغة الإنجليزية التي يمكن أن نجدها حول الروابط بين الساعة البيولوجية واضطراب الصداع العنقودي والنصفي.
- فحصنا السمات السلوكية، مثل تزامن الإصابة بالصداع مع الرغبة في الاستيقاظ.
- نظرنا أيضا إلى السمات التشريحية مثل المكان الذي تدور فيه جينات الصداع في الدماغ.
- شمل التحليل أيضا مراجعة السمات الجزيئية مثل مستويات الميلاتونين (هرمون مسؤول عن تنظيم الإيقاع الحيوي في كل من الإنسان والحيوان)، لمعرفة مدى ارتباطه بهذا الصداع.
- في النهاية، وجدنا أن كلا من الصداع العنقودي والنصفي لهما روابط بالنظام اليومي على المستويات السلوكية والتشريحية والجزيئية.
- وجدنا أن أكثر من 70 بالمئة من مرضى الصداع العنقودي وحوالي نصف مرضى الصداع النصفي يعانون من الصداع في نفس الوقت تقريبا كل يوم.
- بالنسبة لمرضى الصداع العنقودي، فإن الصداع يحدث عادة في منتصف الليل، أما نوبات الصداع النصفي، تأتي عادة أثناء النهار.
- وجدنا أن مستويات الميلاتونين كانت أقل في كل من مرضى الصداع النصفي والعنقودي.
- تبيّن لنا أيضا أن بعض الجينات الأساسية للساعة البيولوجية، وهي الجينات التي تحدد دورة الـ 24 ساعة لدينا، مرتبطة ارتباطا مباشرا بالصداع العنقودي والنصفي.
الخطوة المقبلة
يعتقد الباحثون أن نتائج الدراسة قابلة للتطبيق على طيف واسع من المرضى حول العالم، نظرا لأن هذه البيانات هي ملخص للعديد من الدراسات البحثية الأخرى عبر أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا.
وتفتح الدراسة أيضا آفاقا جديدة نحو تحسين علاجات الصداع مستقبلا، إذ إن فهم وجود رابط بين الصداع والساعة البيولوجية سيساعد في تطوير علاجات تستهدف توقيت حدوث الصداع، وبالتالي تمنعه، لكن هذا يتوقف على التعمق في فهم هذا الرابط بصورة أفضل.
ومن هذا المنطلق، يقول بوريش: “خطوتنا التالية هي البدء في ربط السمات السلوكية والتشريحية والجزيئية التي وجدناها في الدراسة، على سبيل المثال، إذا تمكنا من العثور على جين أو منطقة في الدماغ تسبب التوقيت السلوكي للصداع، فعندئذ يكون لدينا شيء يمكننا استهدافه لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا منع الصداع”.
Tweet