البرلمان يصادق على قرارين يتعلقان بتمديد نشر وحدة عسكرية للنقل الجوّي بمالي ونشر وحدة مروحيات بجمهورية إفريقيا الوسطى
صادق مجلس نواب الشعب، اليوم الثلاثاء، على قرارين يتعلّقان بتمديد نشر وحدة عسكرية للنقل الجوّي بجمهورية مالي ونشر وحدة مروحيات بجمهورية إفريقيا الوسطى، تحت راية الأمم المتحدة.
فقد تمّت خلال الحصّة المسائيّة من الجلسة العامة المنعقدة، اليوم المصادقة على القرار الأوّل المتعلّق بتمديد نشر وحدة عسكرية للنقل الجوّي بجمهورية مالي، تحت راية الامم المتحدة ب113 صوتا، مقابل احتفاظ 5 نواب بأصواتهم واعتراض نائب واحد.
أمّا القرار الثاني المتعلّق بنشر وحدة مروحيات بجمهورية إفريقيا الوسطى، تحت راية الأمم المتحدة، فقد صادق عليه البرلمان ب110 صوتا، مقابل احتفاظ 4 نواب واعتراض نائبين.
ولدى أخذه الكلمة، أوضح وزير الدفاع الوطني، ابراهيم البارتاجي، أنّ هذه المساهمات تتنزّل في إطار تفعيل مقتضيات الباب السادس من ميثاق الأمم المتحدة والذي لا يتطلب استعمالا للقوّة ولا التدخّل المسلح.
وقال إنّ الوحدة العسكرية للنقل الجوي بالبعثة الأممية لحفظ السلام في جمهورية مالي، “قد برهنت على جاهزيتها في القيام بمهمتها على الوجه الأكمل وتمت الاشادة بمجهودها من قبل الامم المتحدة”.
وأضاف أنّ هذه المشاركة مكّنت جيش الطيران من الرفع من قدراته العملياتية والارتقاء بها إلى مستوى المعايير الاممية والدولية في اكتساب الخبرات في مجالات عدة، عبر التواصل والتعامل مع جيوش وتشكيلات متعددة الجنسيات. كما ساهمت في توفير عائدات مالية سنوية، بالعملة الصعبة، للدولة التونسية، بلغت منذ بدء المشاركة ما ينهاز 30 مليون دينار.
وأشار إلى أنّ الجانب الأممي واعتبارا لنجاح هذه الوحدة في القيام بمهامها على الوجه الأفضل، عبّر عن رغبته في تمديد فترة نشر الوحدة العسكرية بجمهورية مالي تحت راية الأمم المتحدة، في إطار الدعم لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد، لتحقيق الاستقرار في هذا البلد.
كما عبٍّر الجانب الأممي عن رغبته في تعزيز المشاركة التونسية في هذه المهام، من خلاله عرضه تشريك وحدة مروحيات ضمن بعثة الامم المتحدة المتكاملة والمتعددة الابعاد للمساهمة في تحقيق الاستقرار في جمهورية افريقيا الوسطى.
وبعد أن قدّم لمحة موجزة عن مشاركات تونس في البعثات الأممية منذ الاستقلال والمبادئ التي ترتكز عليها، أعلن البرتاجي أنّ عدد العسكريين الذي شاركوا في المهمات الأممية منذ الاستقلال، بلغ 10 آلاف و153 عسكريّا وأنّ المشاركات كلّها تتنزّل في إطار تطبيق تعهّدات تونس بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على المساهمة في الجهود الدولية الرامية إلى فرض استتباب الأمن في العالم ووقف الحروب والصراعات وحل النزاعات والمشاركة في تدابير حفظ السلم التزاما منها بقيم التآزر والتضامن الإنساني في العالم.
وأشار إلى أنّ هذه المساهمات تمارس عبر آليتين، تتعلق الأولى منها ببعثات الملاحظين العسكريين والمتركبة من موظفين غير حاملين للسلاح، تضعهم الأمم المتحدة على ذمة الدول الأعضاء غير الأعضاء في النزاع، بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، لمراقبة الاحداث والمستجدات ورفع التقارير في الغرض والتدخل قصد تحسين الوضع الأمني وحل الاشكاليات
أما الآلية الثانية فتتعلق بقوات حفظ السلام وتتركب من عسكريين تضعهم الدول الأعضاء على ذمة الأمم المتحدة، يقع اختيارها على أساس حيادها في النزاع وذلك قصد التدخل والعمل على وقف النزاع بين الأطراف المتقاتلة، من خلال وسائل التفاوض والوساطة والإقناع، مع عدم استعمال السلاح إلا في حالات الدفاع الشرعي.
وذكّر الوزير، بالمناسبة، بالمعاهدات الدولية والاتفاقيات الفنية التي صادقات عليها الدولة التونسية والاطار القانوني الذي تندرج فيه هذه المشاركات وتتمثل أهمها في ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 واتفاقيات الأمم المتحدة للحصانات والامتيازات المعتمدة في سنة 1946 والاتفاقية المتعلقة بسلامة موظفي الأمم المتحدة والافراد المرتبطين بها، إضافة إلى القانون الوطني لسنة 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية المنقح بالقانون عدد 17 لسنة 2010.
وبلغ عدد المهمات التي شاركت فيها تونس، 23 مهمّة تحت رايتي الأمم المتحدة والإتحاد الافريقي، وفق البرتاجي الذي قال إنها شاركت بعد سنوات قليلة من الاستقلال بوحدات من الجيش الوطني في عمليات حفظ السلام في عديد المناطق بالعالم الكونغو (1962) والصومال (1991) وكمبوديا (1992) وروندا (1993). كما أرسلت بعثات مراقبة عسكريين للأردن (1974) والصحراء الغربية (1991) وجنوب افريقيا وهايتي (1994) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (من 2001 الى 2010) .
وأوضح أنّ تونس تشارك حاليا ب23 ضابطا، بصفة ملاحظين ومستشارين ومراقبين عسكريين بمالي وبجنوب السودان وإفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو، ملاحظا أن تونس اكتسبت خلال هذه المشاركات، تجربة ثرية في المجال، مما جعلها محل احترام وتقدير في المنتظم الأممي.
ولفت إلى أنّ المهمتين تعتبران ذات طابع لوجستي وتقني بالأساس ولن تؤثرا، بأي شكل من الأشكال، على القدرات العملياتية للجيش الوطني في مجال حماية الحدود ومقاومة الإرهاب، بل ستزيد في دعم قدرات المؤسسة العسكرية، من خلال ما سيكتسبونه من خبرات في مناطق النزاع، مبيّنا أنّ المهمة الأممية في إفريقيا تمثّل تمرينا ميدانيا حقيقيا، لا سيّما وأن هذا البلد يعاني صعوبة في نقل الإمدادات اللوجستية.
وكان بعض نواب البرلمان قد تساءلوا في مداخلاتهم عن جدوى إرسال قوات عسكرية إلى الخارج، في حين أن البلاد في حاجة إليهم لتدعيم حربها على الإرهاب.
كما أكد عدد من المتدخلين على ضرورة مراجعة النصوص الغامضة وتصحيح مسار الدستور بخصوص التصويت على مثل هذه القرارات باعتماد 109 صوتا عوض 73 صوتا.
في المقابل دعا آخرون، وزير الدفاع، إلى الحرص على الترفيع في عدد الجنود التونسيين ضمن البعثات الأممية، لما فيه من تعزيز لخبراتهم، فضلا عن تكريس دور الدولة التونسية على الصعيد الأممي.
وتمّ كذلك التأكيد على أن هذه المهمات صلب البعثات الأممية لحفظ السلام، من شأنها أن تكرس إشعاع تونس كدولة تحترم التزاماتها، عبر احترام المعاهدات والاتفاقيات الاممية.